ويعتقد العلماء أن كل قسم من هذه الأقسام يشغل مقدارا من عمر الإنسان ثم يندفع إلى القسم الآخر حسب تكامل سنه واشتداد قواه ، ولعل كل واحد منها يأخذ من عمر الإنسان ثمان سنوات ، ثم الخامس يستمر معه إلى خاتمة حياته ولا يفارقه حتى يموت . ثم إن الآية المباركة تشبه هذه الحياة الفارغة من القيم ، بنبات مخضر لا دوام لاخضراره ولطافته ، فسرعان ما يتحول النبات الأخضر إلى الأصفر الذي ينفر منه الإنسان . فمثل الإنسان الغارق في مستنقع المادة كمثل هذا النبات حيث يبتدئ حياته بالاخضرار واللطافة ويستقر في نهاية المطاف ، جيفة في بطن الأرض ، إلا من قرن حياته المادية بالحياة المعنوية غير المنقطعة بموته وزهوق روحه . وإن القرآن الكريم أيضا يصور الحياة المادية بشكل آخر ويقول : * ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب ) * [1] . فالحياة المادية في ريعانها تتجلى بصورة شئ واقعي له من الزهو والجمال ما يغري به كالسراب الذي يخدع العطشان ، فإذا انتهى إلى نهاية المطاف من عمره ، يقف على أنها لم تكن شيئا واقعيا يسكن إليه . إن الحياة الإنسانية إنما تأخذ المنحى السليم إذا تفاعلت مع الجانب الروحي ، ليكون للدين والقيم والأخلاق مكانة مرموقة في حياته ، كما أن لحاجاته المادية ذاك المقام المنشود . وإنما تتجلى هذه الحقيقة ، أي لزوم التوجه إلى الدين ، إذا وقفنا على أمرين :