تعريفان ناقصان للعبادة أ - العبادة : " خضوع وتذلل " . وقد ورد هذا التعريف في كتب اللغة ، ولكنه لا يعكس المعنى الحقيقي للعبادة الذي نردده في قولنا : * ( إياك نعبد وإياك نستعين ) * . وإنما هو معنى مجازي لمناسبة ما يلازم العبادة الحقيقية عادة من إظهار الخضوع والتذلل . وقد استعملت العبادة في هذا المعنى المجازي في القرآن الكريم في حكايته قول موسى ( عليه السلام ) : * ( وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ) * [1] ويدلنا على أن هذا المعنى ليس حقيقيا للعبادة أمران : الأول : لو كانت العبادة مرادفة في المعنى للخضوع والتذلل ، لما أمكننا أن نعتبر أي إنسان موحدا لله ، لأن البشر - بفطرته - يخضع لمن يتفوق عليه ، معنويا أو ماديا ، كالتلميذ يخضع لأستاذه ، والولد لوالديه ، والمحب لحبيبه ، والمستعطي لمعطيه . الثاني : إن القرآن الكريم يأمر الإنسان بأن يتذلل لوالديه فيقول : * ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ) * [2] فلو كان الخضوع والتذلل معناه عبادة من تذللت له ، لاستلزم الحكم بكفر من يبر والديه ، والحكم بتوحيد من يعق والديه . ب - العبادة : " نهاية الخضوع " . لقد حاول بعض المفسرين بعد أن أدركوا نقصان تعريف اللغويين للعبادة - ترميم هذا النقص وإصلاحه ، فقالوا : " العبادة : نهاية الخضوع بين يدي من تدرك عظمته وكماله " . وهذا التعريف يشترك مع سابقه في النقص والإشكال وذلك :
[1] سورة الشعراء : الآية 22 . [2] سورة الإسراء : الآية 26 .