وباختصار ، يعد الحكم صنفين : حكم الله تبارك وتعالى وحكم الجاهلية ويقول : * ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) * [1] . " فالحكم حكمان ، حكم الله وحكم أهل الجاهلية فمن أخطأ بحكم الله حكم بحكم أهل الجاهلية " [2] . وعلى ضوء ذلك فالسلطات التشريعية السائدة في العلم ، إذا كان تشريعها مطابقا لتشريع الله سبحانه فهو حكم الله ، ولو أضيف إلى المجالس فقد سبقه التشريع الإلهي ولم يكن حاجة لتشريعه . وإن كان على خلافه فهو حكم الجاهلية حسب النص الشريف . نعم ها هنا أسئلة حول اختصاص التشريع بالله سبحانه نترك الإجابة عنها إلى الأبحاث الفقهية . ولكن نأتي بنكتة وهي إن حق التشريع على العباد من شؤون الربوبية فمن أعطى زمام التشريع إلى غيره سبحانه فقد اتخذه ربا ولو في بعض الشؤون لا كلها . ولأجل ذلك نرى أنه سبحانه يرمي اليهود والنصارى بأنهم * ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم ) * [3] ولم يكن اتخاذهم أربابا لأجل عبادتهم بل لأجل دفع حق التشريع إليهم . روى الثعلبي في تفسيره عن علي بن حاتم قال : " أتيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وفي عنقي صليب من ذهب فقال لي : يا علي إطرح هذا الوثن من عنقك فطرحته ثم انتهيت إليه وهو يقرأ من سورة البراءة هذه الآية : * ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا ) * حتى فرغ منها فقلت له : إنا لسنا نعبدهم فقال : أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتستحلونه قال : فقلت : بلى . قال : فتلك عبادتهم " .
[1] سورة المائدة : الآية 50 . [2] من لا يحضره الفقيه ، ج 3 ، ص 3 . [3] سورة التوبة : الآية 31 .