ذاته بشئ غيرها ) ومن قرنه فقد ثناه ، ومن ثناه فقد جزاه ، ومن جزاه فقد جهله " [1] . وفي هذا الكلام تصريح بعينية الصفات للذات ، وفيه إشارة إلى برهان الوحدة ، وهو أن القول باتحاد صفاته مع ذاته يوجب تنزيهه تعالى عن التركيب والتجزئة ونفي الحاجة عن ساحته . ولكن إذا قلنا بالتعدد والغيرية فذلك يستلزم التركيب ويتولد منه التثنية . والتركيب آية الحاجة ، والله الغني المطلق لا يحتاج إلى من سواه . وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " لم يزل الله عز وجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم ، والسمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، والقدرة ذاته ولا مقدور " [2] . والإمام ( عليه السلام ) يشير إلى قسم خاص من علمه سبحانه وراء عينية صفاته وذاته - وهو وجود علمه بلا معلوم وسمعه بلا مسموع . وما هذا إلا لأجل أن ذاته من الكمال والجمال إلى حد لا يشذ عن حيطة وجوده أي شئ ، وتشريح هذا القسم من العلم يطلب من الكتب الفلسفية . وهناك روايات أخرى عن العترة الطاهرة يقف عليها من خاض أحاديثهم ، وقد جمعها الشيخ الصدوق في كتاب ( التوحيد ) ، والعلامة المجلسي في ( كتاب البحار ) وكل ذلك يدل على أن الأمة أخذت التوحيد في هذه المجالات عن باب علم النبي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وأن المعتزلة أخذوا ما قالوا به من التوحيد من ذلك المصدر ، كيف وهم عيال عليه في تلك المباحث كلها [3] .
[1] نهج البلاغة ، الخطبة الأولى . [2] التوحيد للصدوق ، ص 139 . [3] إن حياة المعتزلة العلمية تدل على أن رئيسهم واصل بن عطاء تتلمذ على أبي هشام ابن محمد بن الحنفية وهو على أبيه عن علي ( عليه السلام ) . وقد أوضح الأستاذ دام ظله انتهاء أصول المعتزلة إلى علي ( عليه السلام ) في موسوعته الكبيرة " مفاهيم القرآن " فلاحظ ج 4 ص 379 381 .