لأمور ممكنة هي في حد نفسها معلولة لموجود أعلى ، وهذا أمر محال . الثاني : التركيب العقلي ، والمراد منه هو كون الشئ بسيطا خارجا ولكنه ينحل عند العقل إلى شيئين وهذا كالجنس والفصل وما يقوم مقامهما ، فإن وزان الجنس عن العقل غير وزان الفصل فواقع الإنسانية وإن كان شيئا واحدا في الخارج ، لكنه ينحل في العقل إلى ما به الاشتراك وهو الحيوانية ، وما به الامتياز وهو الناطقية . وهناك قسم آخر من التركيب العقلي أدق من تركب الشئ من جنسه وفصله ، وهو كون كل ممكن مركبا من وجود وماهية حتى اشتهر قولهم : " كل ممكن زوج تركيبي له ماهية ووجود " . وهذه الكلمة لا تعني أن هناك شيئا يقابل الوجود وشيئا آخر يقابل الماهية ، بل ليس في الخارج إلا شئ واحد وهو الوجود ، ولكن الماهية تبين مرتبته الوجودية كالجماد والنبات والحيوان وغيرهما كما أن الوجود يحكي عن عينيته الخارجية التي تطرد العدم . والتركيب في هذا القسم أدق من التركيب في القسم السابق أي تركب الشئ من جنسه وفصله ومع ذلك كله فهذا النوع من التركيب محال عليه سبحانه ، إذ لو كان له ماهية ، وشأن الماهية في حد ذاتها أن تكون عارية عن الوجود والعدم ، قابلة لعروضهما ، فعندئذ يطرح السؤال نفسه : ما هي العلة التي أفاضت عليها الوجود ؟ والمحتاج إلى شئ آخر يفيض الوجود على ماهيته يكون ممكنا لا واجبا . ولأجل ذلك ذهب الحكماء من الإلهيين إلى بساطة ذاته وتنزيهه عن أي تركيب خارجي أو عقلي وبالتالي كونه منزها عن الماهية . ثم إن ما جاء في صدر سورة التوحيد يمكن أن يكون دالا على هذا النوع من التوحيد ، قال سبحانه :