responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإلهيات نویسنده : شيخ حسن محمد مكي العاملي    جلد : 1  صفحه : 36


والأنابيب وغيرها من لوازم البناء ، ثم وضع نصف ما في هذا المخزن تحت تصرف أحد المهندسين أو المعماريين ، لينشئ به عمارة ذات طوابق متعددة على أرض منبسطة .
وبعد فترة من الزمن جاء سيل جارف وجرف ما تبقى في المخزن من مواد الانشاء وتركها على شكل تل على وجه الأرض .
إن العمل الأول ( العمارة ) قد نتج عن عمل وإرادة مهندس عالم .
أما الثاني ( التل ) فقد حدث بالفعل الطبيعي للسيل من دون إرادة وشعور .
فالعقلاء بمختلف مراتبهم وقومياتهم وعصورهم يحكمون بعقلانية صانع العمارة ، ومدى قوة إبداعه في البناء ، من وضعه الأعمدة في أماكنها المناسبة وإكسائه الجدران بالمرمر ، ونصبه الأبواب في مواضعها الخاصة ، ومده الأسلاك وأنابيب المياه الحارة والباردة ووصلها بالحمامات والمغاسل ، وغير ذلك مما يتبع هندسة خاصة ودقيقة .
ولكن عندما نخرج إلى الصحراء كي نشاهد ما صنعه السيل ، فغاية ما نراه هو انعدام النظام والترتيب فالحجر والمرمر قد اندثر تحت الطين والتراب ، والقضبان الحديدية قد طرحت إلى جانب ، والأسلاك تراها مقطعة بين قطعات الآجر ، والأبواب مرمية هنا وهناك ، وغير ذلك من معالم الفوضى والتبعثر . وبشكل عام ، إن المعدوم من هذا الحشد هو النظام والمحاسبة ، إذ لا هندسة ولا تدبر .
فالذي يستنتج أن المؤسس للبناء ذو عقل وحكمة ، والمحدث للتل فاقد لهما ، فالمهندس ذو إرادة والسيل فاقد له ، والأول نتاج عقل وعلم ، والثاني نتاج تدفق الماء وحركته العمياء .

36

نام کتاب : الإلهيات نویسنده : شيخ حسن محمد مكي العاملي    جلد : 1  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست