عنه كل ما يتصور من النقص والعيب بسلب واحد جامع لجميع السلوب . ثم إن بعض المتكلمين أرجع صفاته الثبوتية إلى السلبية أيضا وقال إن معنى قولنا إنه عالم ، أنه ليس بجاهل . وإنه قادر ، أنه ليس بعاجز ، وكذا باقي الصفات . محتجا بأن المعقول لنا من صفاته ليس إلا السلوب والإضافات . وأما كنه ذاته وصفاته فمحجوب عن نظر العقول ، ولا يعلم ما هو إلا هو . وهذا صحيح عند لحاظ عجز البشر عن معرفة الله سبحانه ، ولكن إرجاع الصفات الثبوتية إلى السلبية على خلاف ما ورد في الذكر الحكيم فإنه سبحانه يصف نفسه بصفات ثبوتية ، كما يصف نفسه بصفات سلبية . يقول سبحانه : * ( هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون * هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى ) * [1] . فإن بعض ما جاء في هاتين الآيتين وإن كان من صفات الفعل ، غير أن بعضها الآخر من صفات الذات والكل نحو إثبات له سبحانه ، وإرجاعها إلى السلوب لا يخلو من تكلف . نعم له سبحانه صفات سلبية بلا شك . ويكفي في ذلك قوله * ( لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد ) * [2] . فإذا وقفت على أن الصفات السلبية لها حد ولا عد مصداقا ، فلنشرع ببيان المصاديق البارزة منها ، وأهمها مسألة نفي الشريك عنه ويعبر عنها بالتوحيد .
[1] سورة الحشر : الآية 23 - 24 . [2] سورة الإخلاص : الآية 3 - 4 .