2 - وجهه سبحانه قد عرفت أن الإمام الأشعري قال في كتابه ( الإبانة ) : " بأن لله وجها بلا كيف كما قال : * ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) * [1] . وهو يريد بذلك إثبات الوجه لله سبحانه بمعناه الحرفي ولكن فرارا عن التشبيه يذيله بالبلكفة ويقول " بلا كيف " . والمؤولة يعتقدون بلزوم التأويل في الآية ويقولون تأويلها الذات ، ولكن ما قالت به المؤولة وإن كان صحيحا نتيجة ، إلا أن الآية لا تحتاج إلى التأويل ، وإنما تحتاج إليه لو فرضنا أن الوجه ظاهر في العضو الخاص . وأما لو كان ظاهرا بسبب القرينة التي سنذكرها في ذات الشئ شخصه ، فلا تحتاج إليه ، ويكون الظاهر المتبادر هو المتبع . والدليل عليه هو أن الوجه كما يأتي بمعنى العضو الخاص ، يأتي بمعنى الذات . قال ابن فارس : " ربما عبر عن الذات بالوجه ، قال : استغفر الله ذنبا لست محصيه * رب العباد إليه الوجه والعمل " [2] .
[1] سورة الرحمن : الآية 27 . [2] المقاييس ، ج 6 ، ص 88 ، مادة " وجه " .