وقدر طاقته ، قال سبحانه : * ( ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) * [1] . وقال تعالى : * ( وما ربك بظلام للعبيد ) * [2] . وقال عز من قائل : * ( ولا يظلم ربك أحدا ) * [3] . والظلم هو الإضرار بغير المستحق ، وأي إضرار أعظم من هذا ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا . هذا ملخص القول في هذا الأصل ، وقد بسط فيه الكلام الأصوليون وغيرهم في كتبهم الخاصة بفنهم . ومع هذه البراهين المشرقة نرى أن الأشاعرة سلكوا غير هذا المسلك وجوزوا التكليف بما لا يطاق . وبذلك أظهروا العقيدة الإسلامية ، عقيدة مخالفة للوجدان والعقل السليم والفطرة . ومن المأسوف عليه أن المستشرقين أخذوا عقائد الإسلام عن المتكلمين الأشعريين ، فإذا بهم يصفونها بكونها على خلاف العقل والفطرة لأنهم يجوزون التكليف بما لا يطاق . والمهم هو تحليل ما استدلوا به من الآيات ( 1 ) . أدلة الأشاعرة على التكليف بما لا يطاق إن الأشاعرة - بدلا من الرجوع إلى العقل في هذا المجال - استدلوا بآيات تخيلوا دلالتها على ما يرتأونه مع أنها بمنأى عما يتبنونه في المقام . وإليك تلك الآيات مع بيان استدلالهم وتحليله .
[1] سورة البقرة : الآية 286 . [2] سورة فصلت : الآية 46 . [3] سورة الكهف : الآية 49 . ( 2 ) لاحظ اللمع ، ص 99 و 113 و 114 ، للوقوف على ما استدل به الشيخ أبو الحسن الأشعري على ما يتبناه في هذا المقام .