responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإلهيات نویسنده : شيخ حسن محمد مكي العاملي    جلد : 1  صفحه : 30


ماذا في السماوات والأرض ) * [1] - ، لكن لا بمعنى الوقوف عند هذا التعرف واتخاذه هدفا ، بل بمعنى اتخاذ تلك المعرفة جسرا لمعرفة بارئها وخالقها ، ومن أوجد فيها السنن والنظم .
إن الفرق الواضح بين تعرف المادي على الطبيعة وتعرف الإلهي عليها هو : إن الأول ينظر إلى الطبيعة بما هي هي ، ويقف عندها من دون أن يتخذها وسيلة لتعرف آخر ، وهو التعرف على مبادئ وجودها وعلل تكونها ، في حين أن الإلهي ، مع أنه ينظر إلى الظواهر الطبيعية مثلما ينظر إليها المادي ويسعى إلى التعرف على كل ما يسودها من نظم وسنن ، فإنه يتخذها وسيلة لتعرف عال وهو التعرف على الفاعل الذي قام بإيجادها وإجراء السنن فيها ، فكان النظرة في الأولى نظرة إلى ظاهر الموجود ، وفي الثانية نظرة إلى الظاهر متجاوزا منها إلى الباطن .
وبعبارة أوضح ، إن المادي يقتصر في عالم المعرفة ، على معرفة الشئ ويغفل عن معرفة أخرى ، وهي معرفة مبدأ الشئ من طريق آثاره وآياته ، فلو اكتفينا في معرفة الظواهر بالمعرفة الأولى حبسنا أنفسنا في زنزانات المادة ، ولكن إذا نظرنا إلى الكون بنظرة وسيعة وأخذنا مع تلك المعرفة معرفة أخرى وهي المعرفة الآيوية لوصلنا في ظل ذلك ، إلى عالم أفسح مليء بالقدرة والعلم والكمال والجمال . وعلى ذلك فكل المظاهر الطبيعية مع ما فيها من الجمال والروعة ومع ما فيها من النظم والسنن آيات وجود بارئها ومكونها ومنشئها ، وعند ذلك يتجلى للقارئ صدق ما قلنا من أن الطرق إلى معرفة الله بعدد الظواهر الطبيعية بدءا بالذرة وانتهاء إلى المجرة . ولأجل ذلك نرى أن رجال الوحي ودعاة التوحيد يركزون في معرفته سبحانه على الدعوة إلى النظر في جمال الطبيعة وروعتها فإنها أصدق شاهد



[1] سورة يونس : الآية 101 .

30

نام کتاب : الإلهيات نویسنده : شيخ حسن محمد مكي العاملي    جلد : 1  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست