بها فيها حياة أخرى سعيدة أو شقية ، ذات أصول وأعراق ، يعيش بها فيها وسيطلع ويقف عليها عند انقطاع الأسباب وارتفاع الحجب " . إلى أن قال : " إن الأعمال تهئ بأنفسها أو باستلزامها وتأثيرها أمورا مطلوبة أو غير مطلوبة أي خيرا أو شرا هي التي سيطلع عليها الإنسان يوم يكشف عن ساق " [1] . وقد استظهر ما ذكره من عدة آيات ذكرها في كتابه . وعلى ضوء ما ذكرنا ، فالإنسان الوارد إلى الحياة الجديدة إنما يردها بملكات طيبة أو خبيثة ، ولها لوازم تطلبها ضرورة وجوبا شاء أم لم يشاء وهذه اللوازم تتجلى بصورة النعم والنقم لكل من الطائفتين . فعند ذلك يسقط السؤال عن الهدف من التعذيب . وهذا نظير من شرب السم فيقتل ، أو شرب الدواء النافع فيبرأ ، فلا يصح السؤال عن الهدف من القتل والإبراء . الثاني : إن من المقرر في محله أن لعمل الإنسان صورتين ، صورة دنيوية وصورة أخروية ، فعمل الإنسان يتجلى في كل ظرف بما يناسبه ، فالصلاة لها صورتها الخاصة في هذه الحياة من حركات وأذكار ، ولكن لها صورة أخرى في الحياة الأخروية . كما إن الصوم له وجود خاص في هذا الظرف يعبر عنه بالإمساك عن المفطرات ، وله وجود آخر في العالم الأعلى يعبر عنه بكونه جنة من النار . وهكذا سائر الأعمال من صالحها وطالحها . وهذا ما أخبر عنه الكتاب العزيز ، يقول سبحانه : * ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا ) * [2] .
[1] الميزان ، ج 1 ، ص 91 - 93 . [2] سورة النساء : الآية 10 .