وارتكاب الظلم نقص لكل أحد . وهو كذلك حسب إدراك العقل عنده سبحانه . ومعه كيف يجوز أن يرتكب الواجب خلاف الكمال ، ويقوم بما يجر النقص إليه [1] . دفع إشكال ربما يقال إن كون الشئ حسنا أو قبيحا عند الإنسان ، لا يدل على كونه كذلك عند الله سبحانه ، فكيف يمكن استكشاف أنه لا يترك الواجب ولا يرتكب القبيح ؟ والإجابة عنه واضحة ، وذلك أن مغزى القاعدة السالفة هو أن الإنسان يدرك حسن العدل وقبح الظلم لكل مدرك شاعر ، ولكل عاقل حكيم ، من غير فرق بين الظروف والفواعل . وهذا نظير درك الزوجية للأربعة ، فالعقل يدرك كونها زوجا عند الجميع ، لا عند خصوص الممكن ، فليس المقام من باب إسراء حكم الإنسان الممكن إلى الواجب تعالى ، بل المقام من قبيل استكشاف قاعدة عامة ضرورية بديهية عند جميع المدركين من غير فرق بين خالقهم ومخلوقهم . ولا يختص هذا الأمر بهذه القاعدة ، بل جميع القواعد العامة في الحكمة النظرية كذلك . وعلى هذا يثبت تنزهه سبحانه عن كل قبيح ، واتصافه بكل كمال في
[1] وربما يقرر وجه عدم صدور عدم القبيح عنه تعالى بأن الداعي إلى صدوره إما داعي الحاجة ، أو داعي الحكمة ، أو داعي الجهل . والكل منتف في حقه سبحانه . أما الأول فلغناه المطلق ، وأما الثاني فلكون الحكمة في خلافه ، وأما الثالث فلكونه عالما على الاطلاق . وبما أن هذا الدليل مبني على كون فاعلية الواجب بالداعي الزائد على ذاته ، وهو خلاف التحقيق ، لكونه تاما في الفاعلية فلا يحتاج فيها إلى شئ وراء الذات ، أتينا به في الهامش . وقد اعتمد عليه العلامة في شرح التجريد ص 187 - 188 . والفاضل المقداد في شرح نهج المسترشدين ص 260 وغير ذلك من الكتب الكلامية .