شيئا ذا واقعية للموصوف وإنما يدرك بالقياس إلى ما هو أصغر منه . مثلا : الأرض توصف بالصغر تارة إذا قيست إلى الشمس ، وبالكبر أخرى إذا قيست إلى القمر . ولأجل ذلك لا يدخلان في حقيقة الموصوف ، وإلا لما صح وصف الأرض بوصفين متعارضين . إذا عرفت انقسام الأوصاف إلى القسمين ، فعليك تحليل مفهوم الشر على ضوء هذا البيان فنقول : إن كون العقرب موجودا وذا سم ، من الأمور الحقيقة . وأما كونه شرا فليس جزءا من وجوده ، وإنما يتصف به سم العقرب إذا قيس إلى الإنسان وتضرره به أو فقدانه لحياته بسببه ، وإلا فإنه يعد كمالا للعقرب وموجبا لبقائه . فإذا كان كذلك سهل عليك حل عقدة الشرور من جوانبها المختلفة . أما من جانب التوحيد في الخالقية وإنه ليس خالق في صفحة الوجود إلا الله سبحانه وهو خير محض ليس للشر إليه سبيل ، فكيف خلق هذه الموجودات المتسمة بالشر ، فالجواب إن المخلوق هو ذوات هذه الأشياء وما لها من الصفات الحقيقية ، وأما اتصافها بالشر فليس أمرا حقيقيا محتاجا إلى تعلق العلة ، بل هو أمر قياسي يتوجه إليه الإنسان عند المقايسة . وإلى هذا المعنى تؤول كلمات الفلاسفة القدامى إذ قالوا : " 1 - الشر أمر عدمي ليس أمرا موجودا محتاجا إلى العلة . 2 - الشر ليس مجعولا بالذات بل مجعول بالعرض . 3 - إذا تصفحت جميع الأشياء الموجودة في هذا العالم المسماة عند الجمهور شرورا ، لم تجدها في أنفسها شرورا ، بل هي شرور بالعرض خيرات بالذات " [1] . ونحو ذلك الأخلاق الذميمة فإنها كلها كمالات للنفوس السبعية والبهيمية وليست بشرور للقوى الغضبية والشهوية . وإنما شرية هذه الأخلاق