إن البحث عن الشرور ، ليس مسألة جديدة كشف عنها فلاسفة الغرب ومنهم الفيلسوف " هيوم " الانكليزي ، كما ربما يتخيله بعض من لا خبرة له بالفلسفة الإسلامية ، بل والإغريقية ، فإن هذه المسألة لم تزل مطروحة بين الفلاسفة القدامى والمتأخرين . فقد اشتهر قول أرسطو : " إن الموجودات الممكنة بالقسمة العقلية في بادئ الاحتمال تنقسم إلى خمسة أقسام : 1 - ما هو خير كله لا شر فيه أصلا . 2 - ما فيه خير كثير مع شر قليل . 3 - ما فيه شر كثير مع خير قليل . 4 - ما يتساوى فيه الخير والشر . 5 - ما هو شر مطلق لا خير فيه أصلا " . ثم صرحوا بأن الأقسام الثلاثة الأخيرة غير موجودة في العالم ، وإنما الموجود في الخمسة المذكورة هو قسمان [1] . وقد بحث الفيلسوف الإسلامي صدر الدين الشيرازي ( ت 979 ه ، م 1050 ه ) عن مسألة الخير والشر والمصائب والبلايا في كتابه القيم " الأسفار الأربعة " في ثمانية فصول بحثا علميا ، كما بحث عنها الحكيم السبزواري في قسم الفلسفة من شرح المنظومة بحثا متوسطا . وقد سبقهما عدة من الأجلاء كما تبعهما ثلة أخرى من المفكرين الإسلاميين . ونحن نقتبس فيما يلي ما ذكره هؤلاء المحققون بتحليل وتشريح خاص فنقول : إن مسألة الشرور والبلايا دفعت بعض الطوائف في التاريخ وحتى اليوم إلى الاعتقاد بالتعدد في الخالق ، وهو الاتجاه المسمى بالثنوية ، حيث تصور أن إله الخير هو غير إله الشر ، هروبا من الإشكال المذكور ، ولأجل ذلك عرفوا بالثنوية . وبما أنهم يعتقدون بأن الإلهين مخلوقان للإله الواجب