" عدم إظهار المعجزة على يد الكذابين ليس لكونه أمرا قبيحا عقلا ، بل لعدم جريان عادة الله ، الجاري مجرى المحال العادي ، بذلك . فعند ذلك لا ينسد باب معرفة الأنبياء ، لأن العلم العادي حكم باستحالة هذا الإظهار " [1] . فإنه يلاحظ عليه ، إنه من أين وقف على تلك العادة ، وأن الله لا يجري الإعجاز على يد الكاذب . ولو كان التصديق متوقفا على إحرازها ، لزم أن يكون المكذبون بنبوة نوح أو من قبله ومن بعده ، معذورين في إنكارهم لنبوة الأنبياء ، إذ لم تثبت عندهم تلك العادة ، لأن العلم بها إنما يحصل من تكرر رؤية المعجزة على يد الصادقين دون الكاذبين . ويمكن أن يقال : إن تحصيل جريان عادة الله بأن لا يظهر المعجزة على يد الكاذب ، يجب أن يستند إلى مصدر ، فإن كان المصدر هو العقل فهو معزول عند الأشاعرة . وإن كان هو السمع فالمفروض أنه يحتمل أن يكون الشرع كاذبا في هذا الادعاء ، بل لا سمع قبل ثبوت نبوة النبي . وحصيلة البحث : إن منكر الحسن والقبح منكر لما هو من البديهيات . ولا يصح الكلام معه ، لأن النزاع ينقطع إذا بلغ إلى مقدمات ضرورية وهؤلاء ينازعون فيها . ليت شعري ، إذا لم يحكم العقل بامتناع التكليف بما لا يطاق ، وجوز أن ينهى الله سبحانه العبد عن الفعل ويخلق فيه اضطرارا ويعاقبه عليه ، فقل : ها ، أي أمر يدركه العقل ؟ ! . قيل : اجتمع النظام والنجار للمناظرة ، فقال النجار : لم تدفع أن يكلف الله عباده ما لا يطيقون ؟ . فسكت النظام ، فقيل له : لم سكت ؟ .