والنقص على الله تعالى محال . وأخرى بأن الشرع قد أخبر عن كونه صادقا وكلا الدليلين مخدوش جدا . أما الأول ، فلأنه لو قلنا بالتحسين والتقبيح العقليين ، يكون النقص محالا على الله سبحانه في ناحية الذات والفعل ، فذاته منزهة عن النقص ، وفعله كالتكلم وأما إذا أنكرنا ذلك الأصل فلا دليل على استحالة النقص على الله سبحانه في خصوص فعله وإن كان طروء النقص على الذات محالا مطلقا . ولأجل ذلك جوز الأشاعرة الظلم عليه سبحانه ، وهكذا سائر القبائح ، وإن كانت لا تصدر عنه سبحانه لأجل إخباره بذلك . وأما الثاني ، فلأن الثبوت صدقه شرعا يتوقف على صدق قول النبي ولا يثبت صدقه إلا بتصديق الله سبحانه ، فلو توقف تصديقه سبحانه على تصديق النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، لزم الدور . ولأجل ذلك يجب أن يكون هناك دليل قاطع وراء الشرع والوحي على كونه سبحانه صادقا لا يكذب . وهناك دليل آخر ، أشار إليه بعض المعتزلة وحاصله أن كذبه ينافي مصلحة العالم ، لأنه إذا جاز وقوع الكذب في كلامه تعالى ارتفع الوثوق بإخباره عن أحوال الآخرة ، وفي ذلك فوات مصالح لا تحصى . والأصلح واجب عليه تعالى لا يصح الاخلال به . والمراد من كونه واجبا هو إدراك العقل أن موقفه سبحانه في ذلك المجال يقتضي اختيار الأصلح وترك غيره . [1] ولكن الدليل مبني على الأصل المقرر عند العدلية من إدراك العقل الحسن والقبح ، مع قطع النظر عن جميع الطوارئ والعوارض . فعند ذلك يدرك الأصلح والصالح ، أو الصالح وغير الصالح ، كما يدرك لزوم اختيار الأصلح والصالح على غيرهما . ولأجل ذلك لا يكون دليلا آخر .