الثاني : ما استدلوا به في مجال الانشاء قائلين بأنه يوجد في ظرف الانشاء شئ غير الإرادة والكراهة ، وهو الكلام النفسي ، لأنه قد يأمر الرجل بما لا يريده ، كالمختبر لعبده هل يطيعه أولا ، فالمقصود هو الاختبار دون الإتيان [1] . يلاحظ عليه : أولا : إن الأوامر الاختبارية على قسمين : قسم تتعلق الإرادة فيه بنفس المقدمة ولا تتعلق بنفس الفعل ، كما في أمره سبحانه " الخليل " ( عليه السلام ) يذبح إسماعيل . ولأجل ذلك لما أتى " الخليل " بالمقدمات نودي * ( أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا . . ) * [2] . وقسم تتعلق الإرادة فيه بالمقدمة وذيلها غاية الأمر أن الداعي إلى الأمر مصلحة مترتبة على نفس القيام بالفعل ، لا على ذات الفعل ، كما إذا أمر الأمير أحد وزرائه في الملأ العام بإحضار الماء لتفهيم الحاضرين بأنه مطيع غير متمرد . وفي هذه الحالة - كالحالة السابقة - لا يخلو المقام من إرادة ، غاية الأمر أن القسم الأول تتعلق الإرادة فيه بالمقدمة فقط ، وهنا بالمقدمة مع ذيلها . فما صح قولهم إنه لا توجد الإرادة في الأوامر الاختبارية . وثانيا : إن الظاهر من المستدل هو تصور أن إرادة الآمر تتعلق بفعل الغير ، أي المأمور ، فلأجل ذلك يحكم بأنه لا إرادة متعلقة بفعل الغير في الأوامر الامتحانية ، ويستنتج أن فيها شيئا غير الإرادة ربما يسمى بالطلب عندهم أو بالكلام النفسي . ولكن الحق غير ذلك فإن إرادة الآمر لا تتعلق بفعل الغير لأن فعله خارج عن إطار اختيار الآمر ، وما هو كذلك لا يقع متعلقا للإرادة . فلأجل ذلك ، إن ما اشتهر من القاعدة من تعلق إرادة الآمر والناهي بفعل المأمور به كلام صوري ، إذ هي لا تتعلق إلا بالفعل الاختياري وليس