مناقشة هذه النظرية لا شك أنه سبحانه عالم بذاته وعالم بالنظام الأكمل والأتم والأصلح ولكن تفسير الإرادة به يرجع إلى إنكار حقيقة الإرادة فيه سبحانه . فإنكارها في مرتبة الذات مساوق لإنكار كمال فيه ، إذ لا ريب أن الفاعل المريد أكمل من الفاعل غير المريد ، فلو فسرنا إرادته سبحانه بعلمه بالنظام فقد نفينا ذلك الكمال عنه وعرفناه فاعلا يشبه الفاعل المضطر في فعله . وبذلك يظهر النظر فيما أفاده المحقق الطوسي حيث تصور أن القدرة والعلم شئ واحد بذاته مختلفان بالاعتبارات العقلية . ولأجل عدم صحة هذا التفسير نرى أن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ينكرون تفسيرها بالعلم . قال بكير بن أعين : قلت لأبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) : " علمه ومشيئته مختلفان أو متفقان ؟ فقال ( عليه السلام ) : العلم ليس هو المشيئة ، ألا ترى أنك تقول سأفعل كذا إن شاء الله ، ولا تقول سأفعل كذا أن علم الله " [1] . وإن شئت قلت : إن الإرادة صفة مخصصة لأحد المقدورين أي الفعل والترك ، وهي مغايرة للعلم والقدرة ، لأن خاصية القدرة صحة الايجاد واللا إيجاد وذلك بالنسبة إلى جميع الأوقات وإلى طرفي الفعل والترك على السواء ، فلا تكون نفس الإرادة التي من شأنها تخصيص أحد الطرفين وإخراج القدرة عن كونها متساوية بالنسبة إلى الطرفين . وأما العلم فهو من المبادئ البعيدة للإرادة ، والإرادة من المبادئ القريبة إلى الفعل ، فلا معنى لعدهما شيئا واحدا . نعم ، كون علمه بالمصالح والمفاسد مخصصا لأحد الطرفين ، وإن كان أمرا معقولا ، لكن لا يصح تسميته إرادة وإن اشترك مع الإرادة في