وهذا التعريف للحياة إنما يشير إلى آثار الحياة لا إلى بيان حقيقتها ، وهي آثار مشتركة بين أفراد الحي ومع ذلك كله نرى البعد الشاسع بين الحياة النباتية والحياة البشرية . فالنبات الحي يشتمل على الخصائص الأربع المذكورة ، ولكن الحياة في الحيوان تزيد عليها بالحس والشعور وهذا الكمال الزائد المتمثل في الحس والشعور لا يجعل الحيوان مصداقا مغايرا للحياة ، بل يجعله مصداقا أكمل لها . كما أن هناك حياة أعلى وأشرف وهي أن يمتلك الكائن الحي مضافا إلى الخصائص الخمس ، خصيصة الادراك العلمي والعقلي والمنطقي ، [1] وعلى ذلك فالخصائص الأربع قدر مشترك بين جميع المراتب الطبيعية وإن كانت لكل مرتبة من المراتب خصيصة تمتاز بها عما دونها . وليعلم أن علماء الطبيعة ذكروا هذا التعريف واكتفوا به لأنه لم يكن لهم هدف إلا الإشارة إلى الحياة الواقعة في مجال بحوثهم . وأما الحياة الموجودة خارج عالم الطبيعة فلم تكن مطروحة لديهم عند اشتغالهم بالبحث عن الطبيعة . تعريف الحياة بنحو آخر لا شك أن الحياة النباتية غير الحياة الحيوانية في الكيفية ، وهكذا سائر المراتب العليا للحياة . ولكن ذلك لا يجعل الكلمة مشتركا لفظيا ذا معان متعددة . بل هي مشترك معنوي يطلق بمعنى واحد على جميع المراتب لكن بعملية تطوير وتكامل . توضيحه : إن الحياة المادية في النبات والحيوان والإنسان - بما أنه حيوان تقوم بأمرين ، وأكثرما يمارسه الإنسان من الحياة هو ما ذكرنا من خصائص الحياة الطبيعية المادية . وأما الأمران فهما عبارة عن :
[1] وهذا الادراك العلمي والمنطقي والعقلي تطوير للحس الموجود في الحياة الحيوانية .