يلزم أن تكون تلك الحوادث ممكنة وواجبة معا . أما الأول فلكونها حادثة ، وأما الثاني فلأنها لولاه لجاز أن لا توجد ، فينقلب علمه جهلا . والإجابة عن الشبهة واضحة ، فإن المحال هو اجتماع الممكن بالذات مع الواجب بالذات وأما اجتماع الممكن بالذات مع الواجب بالغير فهو أمر لا شبهة فيه . فإن المعاليل عند وجود العلة التامة ممكنات بالذات واجبات بالغير . وعلى ذلك فلو تعلق علمه سبحانه بوجود حادث في وقت خاص فعلمه سبحانه لا يخرجه عن الإمكان الذاتي . إذ غاية ما يقتضي كون علمه موافقا للواقع ، وجوب وجوده بالغير ، سواء أكان السبب هو الله سبحانه أو غيره وهو يجتمع مع الممكن بالذات . وباختصار : إن الحادث الذي يقع في ظرف خاص لا يخرج عن حد الإمكان بعد تعلق علمه تعالى به وحصول علته التامة . فالعالم كله ممكن بالذات وفي الوقت نفسه واجب بالغير . القرآن الكريم وسعة علمه تعالى مما قدمنا تقف على عظمة الجملة القائلة " إن الله بكل شئ عليم " فهي تعني أنه تعالى عالم بما مضى وما يأتي وما هو كائن وما في الكون من الأسرار والرموز . يقول سبحانه : * ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر ، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) * [1] . ويقول سبحانه : * ( قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله