علمه سبحانه بذاته إن علمه سبحانه بذاته ليس حصوليا بمعنى أخذه الصورة من الذات ومشاهدتها عن ذاك الطريق لامتناع هذا القسم من العلم عليه كما سيأتي ، بل حضوري بمعنى حضور ذاته لذاته ، ويدل على ذلك أمران : الأول - إن مفيض الكمال لا يكون فاقده . إنه سبحانه خلق الإنسان العالم بذاته علما حضوريا ، فمعطي هذا الكمال يجب أن يكون واجدا له على الوجه الأتم والأكمل لأن فاقد الكمال لا يعطيه ، فهو واجد له بأحسن ما يمكن . ونحن وإن لم نحط ولن نحيط بخصوصية حضور ذاته لدى ذاته غير أنا نرمز إلى هذا العلم ب " حضور ذاته لدى ذاته وعلمه بها من دون وساطة شئ في البين " . وباختصار : لا يسوغ عند ذي فطرة عقلية أن يكون واهب الكمال ومفيضه ، فاقدا له . وإلا كان الموهوب له أشرف من الواهب ، والمستفيد أكرم من المفيد . وحيث ثبت استناد جميع الممكنات إليه ومنها الذوات العالمة بأنفسها ، وجب أن يكون الواجب واجدا لهذا الكمال أي عالما بذاته علما يكون نفس ذاته لا زائدا عليها [1] . الثاني - إن عوامل غيبوبة الذات واختفائها غير موجودة . توضيحه : إن الموجود المادي بما أنه موجود كمي ذو أبعاض وأجزاء ليس لها وجود جمعي - إذ لا تجتمع أجزاؤه في مقام واحد تغيب بعض أجزائه عن البعض الآخر فلا يصح للموجود المادي من حيث إنه مادي أن يعلم بذاته ، لمكان الغيبوبة المسيطرة على أجزاء ذاته . فالغيبوبة مضادة لحضور الذات وتمنع تحقق علم الذات بالذات . فإذا
[1] أنظر الأسفار ج 6 ص 176 . وسيوافيك عينية صفاته مع ذاته في الأبحاث الآتية .