إلى السعادة والشقاء ويؤيد ذلك ما ورد في بعض الروايات أنه ( صلى الله عليه وآله ) قرأ قوله : * ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى ) * [1] . وقد ورد هذا التفسير في كلام الإمام الطاهر موسى بن جعفر حيث يقول بعد ما سئل عن قول رسول الله : " اعملوا فكل ميسر لما خلق له " : إن الله عز وجل خلق الجن والإنس ليعبدوه ولم يخلقهم ليعصوه وذلك قوله عز وجل : * ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) * ، فيسر كلا لما خلق له ، فالويل لمن استحب العمى على الهدى " [2] . نعم حاول العلامة الطباطبائي تصحيح الرواية بوجه خاص ، فمن أراد الاطلاع عليه فليرجع إلى كلامه [3] . الجهة الثانية في معنى الرواية المروية عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) إن السعادة والشقاء من المفاهيم الواضحة ولا يحتاجان إلى التفسير ولكنهما يتشعبان ويختلفان حسب اختلاف متعلقهما فسعادة كل شئ أن ينال ما لوجوده من الخير الذي يكمل بسببه ، فهي في الإنسان وهو مركب من روح وبدن أن ينال الخير حسب قواه الجسمانية والروحية فيتنعم به ويلتذ ، وشقاؤه أن يفقد ذلك ويحرم منه . وعلى ضوء ذلك فالإنسان من حيث الصحة والسقم ينقسم إلى سعيد وشقي ، ومن حيث الغنى والفقر في حوائج الحياة يتصف بأحدهما ، كما هو كذلك إذا قيس إلى الزوجة والرفيق وغير ذلك من ملابسات الإنسان ، فيوصف بأنه سعيد من هذه الجهة أو شقي وعلى ذلك فليس معنى السعيد على الاطلاق الخالد في الجنة ، والشقي الخالد في النار ، وإنما هما من أقسامهما ومصاديقهما . نعم ، المراد منهما في الآية المتقدمة هو ذاك بشهادة قوله سبحانه : * ( فأما الذين شقوا ففي النار ) * و * ( أما الذين سعدوا ففي الجنة ) * . ولكنه معلوم من سياق
[1] سورة الليل : الآية 10 . [2] التوحيد ، باب السعادة والشقاء ، الحديث الثالث . [3] الميزان ، ج 11 ، ص 37 - 38 .