سبحانه ، فلأجل ذلك رفضت الأشاعرة هذا العلم الضروري للحفاظ على عموم سلطته تعالى . الدليل الثالث : لو كان الحسن والقبح عقليين لما تغيرا إن الحسن والقبح لو كانا عقليين لما اختلفا ، أي لما حسن القبيح ولما قبح الحسن ، والتالي باطل ، فإن الكذب قد يحسن والصدق قد يقبح وذلك فيما إذا تضمن الكذب إنقاذ نبي من الهلاك ، والصدق إهلاكه . فلو كان الكذب قبيحا لذاته لما كان واجبا ولا حسنا عندما استفيد به عصمة دم نبي عن ظالم يقصد قتله [1] . وأجاب عنه المحقق الطوسي بقوله : " وارتكاب أقل القبيحين مع إمكان التخلص " [2] . وتوضيحه : إن كلا من الكذب في الصورة الأولى والصدق في الثانية على حسنه إلا أن ترك إنقاذ النبي أقبح من الكذب ، فيحكم العقل بارتكاب أقل القبيحين تخلصا من ارتكاب الأقبح . على أنه يمكن التخلص عن الكذب بالتعريض ( أي التورية ) . وباختصار : إن تخليص النبي أرجح من حسن الصدق فيكون تركه أقبح من الكذب فيرجح ارتكاب أدنى القبيحين وهو الكذب لاشتماله على المصلحة العظيمة ، على الصدق . أضف إلى ذلك ، أن الاستدلال مبني على كون قبح الكذب وحسن الصدق ، كقبح الظلم وحسن العدل ، ذاتيين لا يتغيران . وأما على ما مر من أن الأفعال بالنسبة إلى الحسن والقبح على أقسام منها ما يكون الفعل علة تامة لأحدهما ، فلا يتغير حسنه ولا قبحه بعروض العوارض كحسن الاحسان