أقول : يظهر من هذا الحديث وأحاديث أخرى مأثورة عن أهل بيت العصمة ( عليهم السلام ) أن مصحف فاطمة متوارث من قبل الأئمة وفيه علم ما كان ويكون إلى آخر الزمان ، وفيه الحكام الذين يحكمون والفرق التي تظهر وتبتدع في كل زمان ، ويظهر من هذا المصحف أنه من إملاء الإمام علي ( عليه السلام ) حيث كانت الملائكة تحدث الصديقة الشهيدة ( عليها السلام ) بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتملي على علي ( عليه السلام ) ويكتبه ، وعلى هذا الأساس يكون المصحف متأخر رتبة في الوجود والظهور عن الأساس الذي أسسناه في كون السر المستودع في فاطمة كان بعد امتحانها قبل الخلق وكما بيناه في مقدمة البحث ، فعليه يكون هذا الاحتمال في كون المصحف هو السر المستودع في فاطمة ( عليها السلام ) بعيد وعلى ضوء الأساس الذي بيناه ، لذا تكون العلوم الربانية ليست هي السر المستودع وخصوصا نحن نعلم إن ورد في الرواية الشريفة عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) حيث يقول : ( إن عندنا والله سرا من سر الله ، وعلم من علم الله ، والله ما يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للأيمان والله ما كلف الله ذلك أحدا غيرنا ، ولا استعبد بذلك أحدا غيرنا . . . ) [1] . فيتبين من هذه الرواية أن عند أهل البيت بما فيهم فاطمة ( عليها السلام ) عندهم سرا من سر الله تعالى وهذا غير العلم وإلا لكان الإمام يقول العلم نفسه السر بل إنه فصل بين السر والعلم فعليه العلم غير السر المستودع فيهم عليهم السلام . 5 - قد يكون السر هو ما أشارت إليه الرواية المروية في شأن الحديث القدسي المروي عن لسان جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الله تبارك وتعالى أنه قال : " يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك ، ولولا علي لما خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما " [2] . أي إنه العلة الغائية لخلقكما كما يظهر من الحديث القدسي هو وجود فاطمة ( عليها السلام ) ، أما كيف يكون هذا الأمر فهذا ما سيتبين لنا من خلال بحث هذا الحديث في موضوع
[1] الكافي : 1 / 467 ح 5 . [2] الجنة العاصمة : 148 / كشف اللآلي : 5 ، مستدرك سفينة البحار : 3 / 334 عن مجمع النورين : 14 عن العوالم : 1 / 44 .