فقالت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) : يا أبة إنا لله ، وبكت . فقال لها : يا بنتاه ، إن أفضل أهل الجنان هم الشهداء في الدنيا بذلوا أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا ، فما عند الله خير من الدنيا وما فيها ، قتلة أهون من ميتة ومن كتب عليه القتل خرج إلى مضجعه ومن لم يقتل سوف يموت . يا فاطمة بنت محمد ، أما تحبين أن تأمرين غدا بأمر ، فتطاعين في هذا الخلق عند الحساب ؟ أما ترضين أن يكون ابنك من حملة العرش ؟ أما ترضين أن يكون أبوك يأتونه يسألونه الشفاعة ؟ أما ترضين أن يكون بعلك يذود الخلق يوم العطش عن الحوض ، فيسقي منه أوليائه ويذود عنه أعدائه ؟ . . أما ترضين أن يكون بعلك مشيم النار يأمر النار ، فتطيعه يخرج منها من يشاء ، ويترك من يشاء . أما ترضين أن تنظرين إلى الملائكة على أرجاء السماء ينظرون إليك وما تأمرين به وينظرون إلى بعلك ، قد حضر الخلائق وهو يخاصمهم عند الله ، فما ترين الله صانع بقاتل ولدك وقاتلك وقاتل بعلك إذا أفلجت حجته على الخلائق وأمرت النار أن تطيعه ؟ أما ترضين أن تكون الملائكة تبكي لابنك ويأسف عليه كل شئ ؟ أما ترضين أن يكون من أتاه زائرا في ضمان الله ، ويكون من أتاه بمنزلة من حج إلى بيت الله واعتمر ولم يخل من الرحمة طرفة عين ، وإذا مات مات شهيدا ، وأن بقي لم تزل الحفظة تدعو له ما بقي ولم يزل في حفظ الله وأمنه ، حتى يفارق الدنيا . قالت يا أبة ، سلمت ورضيت وتوكلت على الله فمسح على قلبها ومسح على عينيها وقال : إني وبعلك وأنت وابنيك في مكان تقر عيناك ويفرح قلبك [1] .
[1] تفسير فرات الكوفي : 171 ، عنه البحار : 44 / 264 ح 22 .