فطحنته بيدها ، واختبزته ، ثم أتت به إلى سلمان ، فقالت له : خذه وامض به إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . قال : فقال لها سلمان : يا فاطمة ، خذي منه قرصا تعللين به الحسن والحسين . فقالت : يا سلمان ، هذا شئ أمضيناه لله عز وجل لسنا نأخذ منه شيئا . قال : فأخذه سلمان ، فأتى به النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فلما نظر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى سلمان قال له : يا سلمان ، من أين لك هذا ؟ قال : من منزل بنتك فاطمة . قال : وكان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يطعم طعاما منذ ثلاث . قال : فوثب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى ورد إلى حجرة فاطمة ، فقرع الباب ، وكان إذا قرع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الباب لا يفتح له الباب إلا فاطمة ، فلما أن فتحت له الباب ، نظر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى صفار وجهها وتغير حدقتيها . فقال لها : يا بنية ، ما الذي أراه من صفار وجهك وتغير حدقيك ؟ فقالت : يا أبة ، إن لنا ثلاثا ما طعمنا طعاما ، وإن الحسن والحسين قد اضطربا علي من شدة الجوع ، ثم رقدا كأنهما فرخان منتوفان . قال : فأنبهما النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأخذ واحدا على فخذه الأيمن ، والآخر على فخذه الأيسر ، وأجلس فاطمة ( عليها السلام ) بين يديه واعتنقها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ودخل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فاعتنق النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من ورائه ، ثم رفع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) طرفه نحو السماء ، فقال : إلهي وسيدي ومولاي ، هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ! قال : ثم وثبت فاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى دخلت إلى مخدع لها ، فصفت قدميها ، فصلت ركعتين ثم رفعت باطن كفيها إلى السماء وقالت : إلهي وسيدي ، هذا محمد نبيك ، وهذا علي ابن عم نبيك ، وهذان الحسن والحسين سبطا نبيك ، إلهي أنزل علينا مائدة [ من السماء ] كما أنزلتها علي بني إسرائيل ، أكلوا منها وكفروا بها ، اللهم أنزلها علينا فإنا بها مؤمنون . قال ابن عباس : - والله - ما استتمت الدعوة ، فإذا هي بصحفة من ورائها يفور قتارها ، وإذا قتارها [1] أزكى من المسك الأذفر ، فاحتضنتها . ثم أتت بها إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلي والحسن والحسين ، فلما أن نظر إليها علي بن أبي
[1] القتار : هو ريح القدر والشواء ونحوهما ( النهاية : 4 / 12 ) .