والحسين نائم على صدرها ، وقدامها رحى تدور من غير يد . فتبسم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال : يا علي ، أما علمت أن لله ملائكة سيارة في الأرض يخدمون محمدا وآل محمد إلى أن تقوم الساعة [1] . * وروي عن أسامة بن زيد ، قال : افتقد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذات يوم عليا ، فقال : اطلبوا إلي أخي في الدنيا والآخرة ، اطلبوا إلي فاصل الخطوب اطلبوا إلي المحكم في الجنة في اليوم المشهود ، اطلبوا إلي حامل لوائي في المقام المحمود . قال أسامة : فلما سمعت من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذلك ، بادرت إلى باب علي ، فناداني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من خلفي : يا أسامة ، عجل علي بخبره وذلك بين الظهر والعصر . فدخلت فوجدت عليا كالثوب الملقى لاطيا بالأرض ، ساجدا يناجي الله تعالى ، وهو يقول : سبحان الله الدائم ، فكاك المغارم ، رزاق البهائم ، ليس له في ديمومته ابتداء ، ولا زوال ولا انقضاء . فكرهت أن أقطع عليه ما هو فيه حتى يرفع رأسه ، وسمعت أزيز الرحى فقصدت نحوها لأسلم على فاطمة ( عليها السلام ) وأخبرها بقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في بعلها ، فوجدتها راقدة على شقها الأيمن ، مخمرة وجهها بجلبابها - وكان من وبر الإبل - وإذا الرحى تدور بدقيقها ، وإذا كف يطحن عليها برفق ، وكف أخرى تلهي الرحى ، لها نور ، لا أقدر أن أملي عيني منها ، ولا أرى إلا اليدين بغير أبدان ، فامتلأت فرحا بما رأيت من كرامة الله لفاطمة ( عليها السلام ) . فرجعت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتباشير الفرح في وجهي بادية ، وهو في نفر من أصحابه ، قلت : يا رسول الله ! انطلقت أدعو عليا ، فوجدته كذا وكذا ، وانطلقت نحو فاطمة ( عليها السلام ) فوجدتها راقدة على شقها الأيمن . ورأيت كذا وكذا ! فقال : يا أسامة ! أتدري من الطاحن ، ومن الملهي لفاطمة ؟ إن الله قد غفر لبعلها بسجدته سبعين مغفرة ، واحدة منها لذنوبه ما تقدم منها وما