العيادة المبغوضة كان الصحابة رجالا ونساء يعودون فاطمة ( عليها السلام ) بين الحين والحين ، إلا عمر وأبا بكر لم يعوداها لأنها قاطعتهم ورفضتهم ولم تأذن لهم بعيادتها ، وحينما ثقل عليها المرض وقاربتها الوفاة لم يجدا بدا من عيادتها لئلا تموت بنت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهي ساخطة عليهما ، وتبقى وصمة العار تلاحق الخليفة وجهازه الحاكم إلى يوم القيامة . فجاءا لعيادتها تحت ضغط الرأي العام ، فسألا عنها ، وقالا لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) : قد كان بيننا وبينها ما قد علمت فإن رأيت أن تأذن لنا لنعتذر إليها من ذنبنا . قال : ذلك إليكما . فقاما فجلسا الباب . ودخل علي ( عليه السلام ) على فاطمة ( عليها السلام ) فقال لها : أيتها الحرة ، فلان وفلان بالباب ، يريدان أن يسلما عليك فما تريدين ؟ قالت : البيت بيتك ، والحرة زوجتك ، افعل ما تشاء ! فقال : شدي قناعك ، فشدت قناعها ، وحولت وجهها إلى الحائط . فدخلا وسلما وقالا : أرضي عنا رضي الله عنك ، فقالت : ما دعا إلى هذا ؟ فقالا : اعترفنا بالإساءة ورجونا أن تعفي عنا . فقالت : إن كنتما صادقين فأخبراني عما أسألكما عنه ، فإني لا أسألكما عن أمر إلا وأنا عارفة ، بأنكما تعلمانه ، فإن صدقتماني علمت أنكما صادقان في مجيئكما . قالا : سلي عما بدا لك . قالت : نشدتكما بالله ، هل سمعتما رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : " فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني " ؟ قالا : نعم . فرفعت يدها إلى السماء ، فقالت : اللهم إنهما قد آذاني ، فأنا أشكوهما إليك وإلى رسولك ، لا والله لا أرضى عنكما أبدا حتى ألقى أبي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأخبره بما صنعتما فيكون هو الحاكم فيكما . قال : فعند ذلك دعا أبو بكر بالويل والثبور ، فقال عمر : تجزع يا خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من قول امرأة ؟ [1] .