الدراسة الصحيحة والتي يكون بناءها على ضوء الاستدلالات العقلية والمنطقية ، من هنا كان لا بد لنا من الوقوف مع بعض الأحاديث المأثورة عن أهل بيت العصمة لكي نفهمها وندركها إدراكا عقليا ونورانيا وحسب ما يمليه علينا المنطق السليم والذوق الرفيع . ومرة أخرى نقف مع حديث آخر في معرفة الصديقة الطاهرة فاطمة ( عليها السلام ) لكي ندركه الإدراك الصحيح الذي جاء المدح عليه ، وخاصة معرفة دراية الرواية وفهمها ، وهذا ما أوصى به الإمام الباقر ( عليه السلام ) لولده الإمام الصادق ( عليه السلام ) بقوله : " يا بني اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم فإن المعرفة هي الدراية للرواية " . و " الرواية " هي عبارة عن كلام منقول عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أو الإمام ( عليه السلام ) أما " الدراية " فهي عبارة عن التحقيق والدراسة والاجتهاد للمعرفة وإدراك المفهوم الحقيقي للرواية وعين ما يقصده النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أو الإمام ( عليه السلام ) ، وبعبارة أخرى ، الرواية هي حفظ الحديث ونقله ، والدراية هي تفقه الحديث وفهمه ، والراوي هو ناقل ا لحديث والفقيه هو المحقق وعالم الحديث " درى دريا ودراية الشئ وبالشئ توصل إلى علمه . . . المنجد " . فالإمام الباقر ( عليه السلام ) يوصي ابنه الصادق ( عليه السلام ) أولا بمعرفة منازل الشيعة على قدر رواياتهم ومعرفتهم ، ثم يوضح بعد ذلك أن ما يعنيه من بالمعرفة ، هو دراية الروايات ، حيث يقول : " وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان " . أي أن المهم ، هو التحقيق والمعرفة وفهم الحديث لأن الرواية إذا لم تصحبها الدراية لا تجدي فتيلا . وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) في كلام آخر له بشأن قيمة دراية الرواية ومعرفة الحديث : " حديث تدريه خير من ألف حديث ترويه " [1] . فرواية الحديث ونقله ، يمكن أن تكون لها فائدتها الكبيرة وقيمتها العظيمة وتقع موقعها الأفضل لدى من ينقل الحديث إليهم - فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ورب حامل فقه غير فقيه - ولكنها بالنسبة للراوي تكون مفيدة إذا ما اقترنت