الكون وما فيه . والله سبحانه خلق عالم الملك - وهو عالم الناسوت - على وزان عالم الملكوت - وهو عالم الأرواح - ، والملكوت على وزان الجبروت - وهو عالم العقول - ، حتى يستدل بالملك على الملكوت ، وبالملكوت على الجبروت . ثم بين العالم العلوي والعالم السفلي قوسا نزوليا وصعوديا ، وقد عبر عن القوس النزولي في نزول فيض الله ورحمته على الكون بالليل والليالي ، كما عبر عن القوس الصعودي باليوم والأيام . وعصمة الله فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) كما عبر عنها بليلة القدر ، كذلك هي يوم الله . والإنسان الكامل هو القرآن الناطق ، ففي ليلة القدر نزل القرآن ، ونزل أحد عشر قرآنا ناطقا في فاطمة الزهراء فهي الكوثر ، وهي الليلة المباركة ، وليلة القدر خير من ألف شهر ، أي ألف مؤمن . فإنها أم الأئمة الأبرار وأم المؤمنين الأخيار ، والملائكة من المؤمنين الذين حملوا علوم آل محمد ( عليهم السلام ) وأسرارهم ، وروح القدس فاطمة يتنزلون في ليلة القدر بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع فجر قائم آل محمد ( عليهم السلام ) [1] . وليلة القدر قلب الإنسان الكامل الذي هو عرش الرحمان ، وإنه أوسع القلوب ، فروح الأمين في ليلة مباركة يتنزل بالقرآن فينشرح صدره ، فليلة القدر الصدر النبوي الوسيع ، ومثله يحمل القرآن العظيم دفعة واحدة في ليلة واحدة ، ثم طيلة ثلاث وعشرين عاما ينزل تدريجا . فليلة القدر الذي يحمل القرآن دفعة واحدة في معارفه وحقائقه ولطائفه هي فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، وما من حرف في القرآن إلا وله سبعون ألف معنى ، وإن فاطمة ( عليها السلام ) لتعرف كل هذه المعاني فمن عرفها حق معرفتها فقد أدرك ليلة القدر ، فهي القلب اللامع الذي يتجلى فيه الغيب الجامع . فهي درة التوحيد وحقيقة القرآن المجيد ، بل وحقيقة النبوة والإمامة ، وما يجمع بينهما وبين التوحيد ، أي حقيقة الولاية .
[1] إذا أردت تفصيل ذلك فراجع ( حكمة عصمتية في كلمة فاطمية ) .