وخروج أمير المؤمنين عليه السلام من داخل الدار محمر العين حاسرا ، حتى ألقى ملاءته عليها وضمها إلى صدره وقوله لها : يا بنت رسول الله ، قد علمت أن أباك بعثه الله رحمة للعالمين ، فالله الله أن تكشفي خمارك ، وترفعي ناصيتك ، فوالله يا فاطمة ، لئن فعلت ذلك لا أبقى الله على الأرض من يشهد أن محمدا رسول الله ، ولا موسى ولا عيسى ولا إبراهيم ولا نوح ولا آدم ، [ ولا ] دابة تمشي على الأرض ، ولا طائرا في السماء إلا أهلكه الله . ثم قال : يا بن الخطاب ، لك الويل من يومك هذا وما بعده وما يليه ، أخرج قبل أن أشهر سيفي فأفني غابر الأمة ، فخرج عمر وخالد بن الوليد وقنفذ وعبد الرحمان بن بي بكر ، فصاروا من خارج الدار . وصاح أمير المؤمنين بفضة يا فضة ، مولاتك فاقبلي منها ما تقبله النساء ، فقد جاءها المخاض من الرفسة ، ورد الباب ، فأسقطت محسنا . فقال أمير المؤمنين عليه السلام : فإنه لا حق بجده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيشكو إليه الحديث [1] . وفي علم اليقين في أصول الدين : ثم إن عمر جمع جماعة من الطلقاء والمنافقين وأتى بهم إلى منزل أمير المؤمنين عليه السلام فوافوا بابه مغلقا فصاحوا به : اخرج يا علي ، فإن خليفة رسول الله يدعوك ، فلم يفتح لهم الباب ، فأتوا بحطب فوضعوه على الباب ، وجاؤوا بالنار ليضرموه ، فصاح عمر ، وقال : والله ، لئن لم تفتحوا لنضرمنه بالنار ، فلما عرفت فاطمة عليها السلام أنهم يحرقون منزلها قامت وفتحت الباب ، فدفعها القوم قبل أن تتوارى عنهم ، فاختبت فاطمة عليها السلام وراء الباب والحائط . ثم إنهم تواثبوا على أمير المؤمنين عليه السلام وهو جالس على فراشه ، واجتمعوا عليه حتى أخرجوه سحبا من داره ، ملببا بثوبه يجرونه إلى المسجد . فحالت فاطمة عليها السلام بينهم وبين بعلها ، وقالت : والله ، لا أدعكم تجرون ابن عمي ظلما ، ويلكم ما أسرع ما خنتم الله ورسوله فينا