نام کتاب : الأخلاق الحسينية نویسنده : جعفر البياتي جلد : 1 صفحه : 75
ولقد زهد صلوات الله عليه في الدنيا وأحب للناس أن يأخذوا منها حاجاتهم ، ولو أعطاهم من عنده ما يخلف لديه خصاصة . فما أوفقه سلام الله عليه مصداقا لقول جده المصطفى صلى الله عليه وآله : ما جبل ولي الله إلا على السخاء ، والسخاء ما يقع على كل محبوب أقله الدنيا ، ومن علامات السخاء أن لا يبالي من أكل الدنيا ، ومن ملكها ، مؤمن أو كافر ، ومطيع أو عاص ، وشريف أو وضيع ، يطعم غيره ويجوع ، ويكسو غيره ويعرى ، ويعطي غيره ويمتنع من قبول عطاء غيره ، ويمن بذلك ولا يمن ولو ملك الدنيا بأجمعها ، لم ير نفسه فيها إلا أجنبيا ، ولو بذلها في ذات الله عز وجل في ساعة واحدة ما مل ء [1] . أو في رواية : ما مل . فالسخي من بذل ولم يخش الفقر ، وأطعم غيره وجاع ، وأعطى غيره وامتنع من قبول عطاء غيره ، إذا كان ذلك الغير مغرضا ، أو كان السخي يخشى على نفسه الطمع . إذن فالسخاء ما حظي بخصلة العفة والإباء ، فهذا من كرم النفس وعزتها ، ولقد ذكر لنا التاريخ أن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام قال : إن الحسن والحسين عليهما السلام كانا لا يقبلان جوائز معاوية بن أبي سفيان [2] . ذلك أن معاوية كان يحاول بجوائزه أن يستميل الإمامين عليهما السلام - وحاشاهما - ليقولا له بالإمامة الشرعية ، والخلافة على المسلمين ، وهيهات هيهات ذلك . هذا من جهة ، ومن جهة أخرى كان يحاول أن يقول للناس إن الأئمة - حاشاهم - أهل دنيا ، ألا ترون كيف يفرحون بالهدايا ، ويطمعون بالعطايا ، ويتنازلون بذلك عن شؤون الدين وأمور
[1] مصباح الشريعة : 82 ، الباب 36 - في السخاء . [2] مسند الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام : 44 .
75
نام کتاب : الأخلاق الحسينية نویسنده : جعفر البياتي جلد : 1 صفحه : 75