نام کتاب : الأخلاق الحسينية نویسنده : جعفر البياتي جلد : 1 صفحه : 244
حينما كلفوا بالوقوف في وجه الكفر والظلم اتخذوا لأنفسهم مساجد ومحاريب ، أو صوامع يتعبدون فيها ، فتطير أخبار صلاحهم في البلدان ، ويأمنون بعد ذلك سطوة السلطان . فلا يعرفون إلا بالزهد وعناء العبادة ، وترك الدنيا ، في حين أن زهدهم لم يكن بالأموال بل زهدوا بالثواب العظيم ، وأن عبادتهم تلك كانت معاصي إذ لم يكلفهم بها الله تعالى إنما كلفهم بالكلمة الحقة العادلة في وجه السلطان الظالم الجائر ، فتركوا ذلك ولم يأتمروا ، وعصوا الله . . والعبادة هي الطاعة . كذا لم يكن مكثهم في المساجد والمحاريب تعبيرا عن ترك حب الدنيا ، بل كان تعبيرا عن حب الدنيا ، لأنهم حين قبعوا في زواياهم تلك أرادوا الحفاظ على أنفسهم ، والإبقاء على حياتهم ودنياهم وإن مات الدين ، وسحقت كرامة المسلمين . لكن الإمام الحسين سلام الله عليه كان ممن عرف بصبره على طاعة الله ، وفي الوقت ذاته عرف بصبره عن معصية الله ، وكان الانزواء في تلك المرحلة التأريخية من أكبر المعاصي ، إذ يمكن الكفر من الشريعة ، ويمكن الطغاة من رقاب الناس . وكان من صبر الحسين صلوات الله عليه أن اقتحم ساحة المواجهة ضد رؤوس الضلال والفساد والظلم ، وجابه الطواغيت بجميع صورهم وقواهم ، وعرض نفسه المقدسة للصعاب من أجل إنقاذ الرسالة الإسلامية والأمة الإسلامية . فبهجومه هجم على كل انحراف ، وببريق سيفه كشف كل حقيقة ، وبنهضته نبه كل غافل ونائم ، فكان صبره متحليا بالإباء لا بالخنوع ، وبالوعي والعزة لا بالانزواء والخضوع . وقد شهدت له ساحة الطف أنه الصبور الصبور ، فمع قلة العدد ، وخذلان الناصر ، وكثرة العدو ، وشدة الموقف ، وذلك العطش القاتل ، وحراجة الحال ،
244
نام کتاب : الأخلاق الحسينية نویسنده : جعفر البياتي جلد : 1 صفحه : 244