بيد أن حساباتهم كانت خاسرة ، وتصوراتهم كانت باطلة ، إذ أتتهم الرياح بما لا يشتهون لسفنهم ، ودارت عليهم الدوائر ، وخرج الشيعة لمحاربتهم بشكل اقشعرت له أبدانهم ، واهتزت لمنظره أفئدتهم . نعم لقد اصطف الشيعة آنذاك ، يتقدمهم علماؤهم الأبرار مع بقايا الجيش العثماني المهلهل المنهزم ، لإدراكهم بوضوح ما يشكله الاستعمار البريطاني من مخاطر وخيمة لا تستهدف خيرات الشعوب المسلمة فحسب قدر ما يمثله من خطر جدي على عموم العقيدة الاسلامية المباركة بكل أبعادها ، خلاف الدولة العثمانية التي رغم كل انحرافاتها ومساوئها فإنها يحتويها معهم رباط الاسلام المقدس ، وهذا ما أثبتت صوابه الأيام . وهكذا فقد بدأت قوافل العلماء المجاهدين بالتوجه إلى ساحات النزال والمجالدة الشرعية ، مرتدين أكفان الشهادة بعزيمة وإصرار راسخين . . مسجلين مآثر ازدانت بها صفحات التأريخ ، وتفاخر بها الأبناء ومن بعدهم الأحفاد ، وستبقى خالدة مدى الدهر لأسماء طرزت بماء الذهب