أن النظام الدراسي المتبع في نشأته وإعداده كان ينأى به بعيدا عن التخصص بهذا العلم البعيد الغور ، والواسع الأبعاد . ومن هنا فإن شيخنا المرحوم كاشف الغطاء ما أن أتم دروسه الأولية في علوم العربية وآدابها والتي أظهر فيه تفوقا ملحوظا ، وبراعة متميزة دون باقي أقرانه كما أسلفنا حتى شرع بدراسة الفقه والأصول وفق الأسلوب المتبع في الحوزة العلمية ، فأتم دراسة السطوح وهو في باكورة شبابه ، مما أهله لمواصلة دراسته المتقدمة والعالية عند كبار أساتذة الحوزة آنذاك مع أخيه الشيخ أحمد كاشف الغطاء رحمه الله تعالى ، فاستشف فيه أساتذته تلك العبقرية الفذة ، والذكاء الوقاد ، والعزيمة الراسخة التي تؤهل صاحبها لامتطاء ذرى المجد ، وناصية الرقي ، فتتبعوه بالتوجيه والرعاية ، والصقل والتهذيب ، وأسبغوا عليه الكثير من الاهتمام والاعتناء ، حتى وفقوا - بفضل الله تعالى - في ذلك غاية التوفيق ، وخرجوا من مدراس بحثهم رجلا عالما فاضلا ، بارعا حكيما ، مظهرا لعظمة المذهب ، مدافعا عن حرمه ، فكان كما قال الشيخ محمد جواد مغنية رحمه الله تعالى برحمته الواسعة : من العلماء الذين هم أندر من الكبريت الأحمر ، من أولئك العلماء المتميزين الذين لم يتحددوا في علائقهم مع مقليديهم وأتباعهم فحسب ، بل التقوا بالعالم ، ونقلت عنهم فئات شتى في الشرق والغرب ، وعرف بهم البعيد أن في الشيعة معجزات من العبقرية ، وأن مذهب التشيع يقوم على أقوى وأمتن أساس [1] .
[1] مجلة العرفان / المجلد 47 / الجزء العاشر صفحة 938 .