responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أصل الشيعة وأصولها نویسنده : الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء    جلد : 1  صفحه : 179


أحسدك ، أعلى علمك بالأنساب أم بالأديان أم بالمقالات ؟ [1] .
أما ( عبد الله بن سبأ ) [2] الذي يلصقونه بالشيعة أو يلصقون الشيعة به ،



[1] محاضرات الأدباء 4 : 418 .
[2] يبدو بوضوح للمتأمل في قصة عبد الله بن سبأ ، ودوره في الأحداث التي جرت أبان حكم الخليفة الثالث أو ما بعده على قول البعض الآخر إنه أمام وقائع وأحداث نسجت بكثير من المبالغة والتهويل لشخصية عادية مغمورة ، لا دور واقعي لها يذكر في صياغة أي حدث أو أمر ، وإن ذهب البعض حتى إلى التشكيك في صحة وجودها وأنها خرافة حبكت بقدر كبير من الخبث والحقد للطعن بالشيعة ومعتقداتها . نعم ، إن استقراء السيرة الذاتية لهذه الشخصية في كتب العامة لا كتبنا لأنها عندنا واضحة جلية أجلى من الشمس في رابعة النهار يكشف للمرء الكثير من هذه الأخبار المليئة بالمبالغة والكذب والتناقض بشكل لا يخفى على أدنى متأمل ، رغم وضوح حال هذا الرجل ، ومحدودية أمره في كتب الشيعة ورواياتهم التي لا تذهب إلا إلى أنه غال ملعون غالى بعلي عليه السلام فحكم فيه حكم الاسلام الخاص بأمثاله من الغلاة ، لا أكثر ولا أقل ، فهو ضمن هذا المقياس شخصية عادية كحالها من الشخصيات المنحرفة التي تعج بها جميع الكتب لا كتبنا فقط . والحق يقال : إن هذه المبالغة المفرطة في حياكة دور مهول لهذا الرجل في صياغة الكثير من الأحداث الجسام دفع بالعديد من المؤرخين والباحثين إلى التشكيك صراحة في وجود مثل هذا الشخص في أرض الواقع ، وتلك حالة رد فعل طبيعية لها بعض التبرير أمام أمور خرافية وغير عقلائية تزدريها الألباب ، فحدث نتيجة ذلك ما نراه في تلك الكتب من الإرتباك والتنافر وعدم الوضوح ، حين نرى أن البعض الآخر يذهب إلى أن ابن سبأ ليس إلا عمار بن ياسر رحمه الله تعالى والذي حاولت قريش الطعن فيه فاخترعت له هذه التسمية كما كانت تسميه بابن السوداء ، وذلك لما يروونه عنه من تزعمه لقادة الثورة التي أودت بحياة الخليفة عثمان بن عفان ، وتفانيه في خدمة علي بن أبي طالب عليه السلام ، وتشيعه الصريح له . ثم لا يخفى عليك أخي القارئ الكريم أن أول الحائكين لهذه الأسطورة الخرافية حول هذا الرجل والذي قفى بعد ذلك أثره المؤرخون هو الطبري في تأريخه ، وكان مصدره فيها سيف بن عمر البرجمي ( ت 170 ه‌ ) الذي يطعن به معظم أصحاب التراجم والسير بشكل صريح وواضح ، حتى لقد قال عنه مرة : فليس خير منه ، وقال عنه أبو حاتم : متروك الحديث ، وقال عنه أبو داود : ليس بشئ ، وأما النسائي والدارقطني وابن معين فقد قالوا عنه : ضعيف الحديث . . فراجع وتأمل . وللحق أقول : إن مجرد التأمل البسيط في الظروف المحيطة بظهور هذه الرواية ، وما يمكن أن تترتب عليها من نتائج إذا ذهب البعض إلى التسليم بصحتها ، رغم تناقضاتها الصريحة والواضحة ، بل وما تحاول إبرازه إلى سطح الواقع من شواهد محددة ومعروفة لدى الجميع ، يشير بدون لبس إلى غرض المؤامرة التي تبدو فيها أصابع الأمويين وبصماتهم واضحة جلية ، وذلك من خلال استقراء الأحداث المروية في المراجع والتي قيل أن هذا الرجل قام بتدبيرها بين البصرة ، والكوفة ، والشام ، ومصر ، وخلال فترة زمنية محدودة ، وما ترتب عليها بعد ذلك من نتائج واسعة وخطيرة لا يمكن لأحد التسليم بصحتها ، والجزم بوقوعها إلا إذا جافى الحقيقة والمنطق ، وأعراض عن حكم العقل وحجته ، بل ولا بد وكما ذكرت سابقا من أن تتأكد لديه هذه الحقيقة وهذا الدور المفضوح لتلك الشجرة الملعونة في القرآن في صياغة وإشاعة هذه الأسطورة المضحكة والمهلهلة ، وهو ما أثار الكثير من الباحثين والدارسين حتى دفعهم صراحة إلى القول بأن أعداء الشيعة ادخروا هذه الأسطورة وتفننوا في حياكتها للطعن بهم ، فجاء الخلف من بعد فتلقف ما قال الأولون وسلموا بصحته دون أدنى دراسة وتأمل فوقعوا في الشراك وشاركوا من سبقهم في ظلم الشيعة والافتراء عليهم ، وذلك مما تتفطر له القلوب أسى وتأسفا . . ولعل الملفت للنظر أن الأسطورة المنسوجة حول دور عبد الله بن سبأ في صناعة الأحداث التي عصفت بالدولة الاسلامية خلال حكم الخليفة عثمان بن عفان ، ودوره في خداع الشعوب كما تجده مسطورا في الكتب اللاحقة بكتاب الطبري وحشدها للتنفيذ خطته للإطاحة بالخليفة ، وغفلتها ( أي تلك الشعوب ) المثيرة للتعجب والاستغراب ، تجدها متصاغرة متواضعة ، وذليلة عاجزة أمام طاعة أهل الشام شام معاوية آنذاك للدولة الاسلامية وحكامها ، وأنهم هم الذين لم يغيروا ولم يبدلوا ، بل إن ابن سبأ لم يجد له فيها اذنا صاغية لدعوته ، حين وجد في أهل مصر ضالته ، هذا إذا علمنا بأن لمصر الدور الأكبر في الثورة على عثمان بن عفان حينها . . إذن فلا متمسك بدين الاسلام في هذه الأسطورة إلا الشام ، ويا حسرة على ما سواها من الشعوب المنحرفة اللاهثة وراء الفتنة وأصحابها ! فتأمل . والخلاصة : إن قصة ابن سبأ إن سلمنا بوجود شخص بهذا الاسم ، لأن هناك أقوال وتصريحات قائمة على دراسات علمية رصينة تذهب إلى نفي وجود هذه الشخصية ، كما ذهب إلى ذلك العلامة السيد مرتضى العسكري في كتابه المعروف عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى أسطورة نسجت حول شخصية تافهة منحرفة ، وبولغ فيها أشد المبالغة حتى أمست أقرب منها إلى حكايات العجائز في ليال الشتاء الباردة ، بل ومثيرة للاستخفاف والاستهجان ، وإلا فإن موقف الشيعة وعلمائها من هذا الأمر أوضح من أن يحتاج معه إلى بيان ، فراجع ما شئت من كتبهم ترى حقيقة الأمر بجلاء ووضوح . ولعل الأمر الواضح والجلي في سر صناعة هذه الأسطورة يكمن في أمر موالاة الشيعة لعلي عليه السلام وأهل بيته الأطهار ، امتثالا لأمر الله تعالى ورسوله ، وهذا ما أثار حفيظة الأمويين وحقدهم الأسود عليهم والذي لا يقف عند أي حد ، فاختلقوا ما زينته لهم نفوسهم المريضة ، ووجدها أعداء الشيعة لقمة سائغة فازدروها وطفقوا بجهل يتبجحون بها كالحمقى والمغفلين ، من دون أدنى مراجعة ودراسة ، وأنا أترك للقارئ الكريم مسألة الحكم حول هذا الموضوع بعد دراسته المجردة للوقائع التأريخية الممتدة خلال فترة ظهور هذا الرجل ، أو ما كتب عنه من قبل الباحثين والدارسين المختلفين ، وحتى يدرك بالتالي تفاهة وسقامة الربط الساذج بين عقيدة تمتد جذورها إلى اليوم الأول لقيام الدعوة الاسلامية ، وبين رجل أبسط ما قيل في حقه أنه مشرك وكافر ، فراجع .

179

نام کتاب : أصل الشيعة وأصولها نویسنده : الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء    جلد : 1  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست