وأي نكر في هذا بعد أن وقع مثله بنص الكتاب الكريم ، ألم يسمع المتهوسون قصة ابن العجوز التي قصها الله سبحانه بقوله تعالى : [ ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم . . ] [1] . ألم تمر عليهم كريمة قوله تعالى : [ ويوم نحشر من كل أمة فوجا ] [2] ، مع أن يوم القيامة تحشر فيه جميع الأمم لا من كل أمة فوجا . وحديث الطعن بالرجعة كان هجيري علماء السنة من العصر الأول إلى هذه العصور ، فكان علماء الجرح والتعديل منهم إذا ذكروا بعض العظماء من رواة الشيعة ومحدثيهم ، ولم يجدوا مجالا للطعن فيه لوثاقته وورعه وأمانته نبذوه بأنه يقول بالرجعة ، فكأنهم يقولون يعبد صنما أو يجعل لله شريكا ! ونادرة مؤمن الطاق مع أبي حنيفة معروفة [3] . وأنا لا أريد أن أثبت في مقامي هذا ولا غيره صحة القول بالرجعة ، وليس لها عندي من الاهتمام قدر قلامة ظفر ، ولكني أردت أن أدل ( فجر الاسلام ) ! على موضع غلطه وسوء تحامله . يقول : الشيعة تقول : " إن النار محرمة على الشيعي إلا قليلا " ! وما أدري في أي كتاب من كتب الشيعة وجد هذا ، وهل يليق برجل تربع على دست النقد والتمحيص للمذاهب والأديان أن يقذف طائفة من المسلمين بشناعة لا يأتي عليها منهم بشاهد ولا برهان ، كيف وهذه كتب الشيعة كادت أن تسمع حتى الأصم والأبكم .
[1] البقرة 2 : 243 . [2] النحل 27 : 83 . [3] راجع ذلك في ترجمتنا لمؤمن الطاق آخر الكتاب .