تشدهم وتغريهم . وقد أفاضت أقلام الأعلام والخطباء ، وطفحت الصحف والمؤلفات في هذا الموضوع ، حتى أوشك أن يكون من الأحاديث التي صار يمجها الطبع ، وينبو عنها السمع ، لأن الطبع موكل بمعاداة المعادات ، وكراهة المكررات . على إنك تجده بأوفى بيان في الكلمة الآتية التي كنا جعلناها كمقدمة للطبعة الثانية وعنوانها : " كيف يتحد المسلمون " أو " كلمة لا بد منها في الاصلاح " . وإنما المقصود بالبيان في هذه الكلمة إننا لما وجدنا قبل هذا أن المسلمين بالحال التي وصفنا وليس المسلمون اليوم في رقعة هذه الكرة سوى طائفتين : السنة والشيعة ، وكل المذاهب والطوائف المختلفة في الاسلام لا بد وأن ترجع وتندمج في الأولى أو الثانية ، حيث يصح إطلاق اسم الاسلام عليها ووجدت أن الشيعة وأخص علمائهم يعرفون مذاهب إخوانهم السنيين كمعرفتهم بمذاهبهم ، حتى ألفوا الكتب الكثيرة بذلك : كالانتصار للسيد المرتضى ، والخلاف للشيخ الطوسي ، والتذكرة للعلامة الحلي ، وأضعافها لغيرهم ، أما السنة فلا يعرف حتى علماؤهم فضلا عن عوامهم شيئا من حقيقة الشيعة وواقع أمرهم ، بل على العكس يرون أنهم خارجون عن حظيرة هذا الدين ، وأنهم جمعية هدامة ! وينسبون كل فضيعة إليهم ، فإذا وجد الشيعة ذلك في كتب القوم يدفعهم الحقد والغضب ، فيقابلونهم بمثل ذلك ، أو بما هو أسوأ منه . . وهكذا تمزقت الوحدة ، وتفرقت الكلمة ، وصار ذلك قرة عين المستعمر ، وبلغ بهذا أقصى أمانيه . فرأيت يومئذ أن الحاجة ماسة ، والضرورة ملحة ، والواجب يحتم تأليف رسالة وجيزة توضح للمسلمين : أصول عقائد الشيعة وفروعها ، ومبدأ تكونها ، وغارس بذرتها ، وأسباب نموها وسموها . بصورة موجزة ، وعبارة