وقد قيل " عند الشدائد تذهب الأحقاد " ؟ وكيف يطمع المسلم أن يكتسح أخاه المسلم أو يستعبده ، وهو شريكه في البلاد من أقدم العهود وأبعد الأجداد ؟ أفلا تسوقهم المحن والمصائب التي انصبت عليهم صب الصواعق من الأجانب ، إلى إقامة موازين العدل والتناصف فيما بينهم ، ويحتفظ أهل كل قطر على التعادل الانتفاعي ، والتوازن الاجتماعي ؟ ونحن وإن أوشكنا أن نكون آيسين من حصول هذه الثمرة اليانعة ، والجامعة النافعة ، لما نرى من عدم التأثير والتقدير لكلمات المصلحين والناصحين من رجال المسلمين . . ومن نظر فيما نشر وطبع من جمهرة خطبنا ، وما فيها من بليغ الدعوة إلى الوحدة بفنون الأساليب ، ويرى حالة المسلمين اليوم ، وأنهم لا يزدادون إلا تقاطعا وتباعدا ، فكأننا ندعوهم إلى التنابذ والجفاء ، ونقدم النار إلى الحلفاء . نعم ، من ينظر إلى ما نشره " النشاشيبي " في الكتاب الذي سماه وما أكثر ما تكذب الأسماء : ب " الاسلام الصحيح " ! وكانت نتيجة ذلك الكتاب وفذلكته يعني صحة الاسلام عنده هو الطعن والغمز ، واللمز والتوهين بأهل بيت النبوة : علي وفاطمة والحسنين سلام الله عليهم ، وإنكار كل فضيلة أومنقبة لهم وردت في آية أو رواية ، فآية التطهير مثلا : [ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ] [1] مختصة بزوجات النبي صلى الله عليه وآله ، وبالأخص عائشة ! بل هي لا غيرها أهل البيت ! أما فاطمة بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله فخارجة بالقطع واليقين عنده [2] .
[1] الأحزاب 33 : 33 . [2] لعل المثير للأسى أن تجد وبعد كل ما كتب وقيل وأثبت من أن آية التطهير قد نزلت في أصحاب الكساء الذين ضمهم إليه رسول الله صلى الله عليه وآله دون سواهم ، وهم علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، تجد أن البعض لا زال مصرا وبعناد عجيب على قلب الحقائق ، وتزييف الوقائع ، معرضا بجانبه عن نتائج ما تشكله دعاواه الباطلة من آثار سلبية تلتصق به فقط دون غيره ، لأن من يطالع تقولاته الهشة هذه وغير المستندة على أي أساس علمي ، لا بد وأن يحمله هذا الامر بالتالي على الاستخفاف بكل مقالاته وإن كان البعض منها لا يخلو من مظاهر الصحة والصدق ، بل وربما يحمل البعض منهم أسباب هذه التقولات على انطواء ذات ذلك البعض على التعصب الطائفي المقيت الضار بالاسلام وأهله ، والداعي إلى الفرقة والتناحر ، لا الوحدة والتآخي ، وهو ما كنا ندعو له ولا زلنا ، وسنبقى كذلك إن شاء الله تعالى . نعم ، هذا بعض ما تريد أن نقوله ، وقد كررناه دائما ، دون ملل ويأس ، وإذا كنا وعلى صفحات هذا الكتاب لسنا بمعرض الرد على هذه الترهات الباهتة والساقطة ، لأن ذلك ما يستغرق الكثير من المساحة التي ليست هي بمتاحة لنا ، وكذا لتعرض العديد من علماء الطائفة ومفكريها وطوال حقب متلاحقة وحتى يومنا هذا لمناقشة هذا الموضوع ، وتوضيح أبعاده وحدوده ، إلا أن ذلك لا يمنعنا من الإشارة إلى بعض الروايات المذكورة في كتب القوم ، والمحددة لنزول هذه الآية بحق هؤلاء الخمسة دون غيرهم ، فراجع : صحيح مسلم 4 : 1883 / 2424 ، سنن الترمذي 5 : 663 / 3787 و 699 / 3871 ، مسند أحمد 4 : 107 و 6 : 292 ، سنن البيهقي 2 : 5149 : 152 ، تأريخ بغداد 10 : 278 ، تفسير الطبري 22 : 5 و 6 و 7 ، الرياض النضرة 3 : 152 ، أسد الغابة 1 : 490 و 3 : 543 و 607 ، مستدرك الحاكم 2 : 416 و 3 : 147 ، مجمع الزوائد 9 : 121 و 167 ، الفصول المهمة : 25 ، ذخائر العقبى : 21 ، فرائد السمطين 1 : 25 ، الدر المنثور 5 : 198 ، كفاية الطالب : 371 ، الصواعق المحرقة : 187 و 238 .