عملنا في هذا الكتاب : لم تكن تجاربي السابقة في الكتابة والتحقيق رغم بساطتها وقلة شأنها لتمنحني ذلك الشعور باللذة والتفاعل والاندفاع والحرص على تقديم الأفضل شغفا بالكتاب ، واعتزازا وتقديرا له ولمؤلفه ، لا بحثا عن الإشادة والتقدير قدر ما كان يرافقني ذلك طيلة الأشهر المتواصلة التي امتد على طولها عملي في تحقيق هذا الكتاب . وحقا أقول : إن المرء لتنتابه الغبطة العارمة ، والسعادة البالغة وهو يجد عيانا جهوده التي أنفقها في إنجاز عمل ما تتجسد بشكل واضح على أرض الواقع والحقيقة ، بعد فترة طويلة من الترقب والانتظار ، والمتابعة والسعي ، وهو سمة ثابتة يتفق في تحسسها جميع المؤلفين والمحققين في كل مكان وزمان ، بيد أن تلك الغبطة والمسرة تكون أشد وأكثر حدة وتصاعدا في الأعمال التي يتفاعل معها المرء تفاعلا روحيا ، وينشد إليها انشدادا نفسيا ، فتبدو في ناظره أمنية عزيزة ، ورغبة غالية ، وذلك هو عين تعاملي مع هذا السفر الجليل الماثل بين يدي القارئ الكريم . نعم ، فعندما شرعت بتحقيق هذا الكتاب حاولت قدر الامكان بعد التوكل على الله تعالى والاستعانة به إخراج هذا الكتاب بالحلة التي ينبغي أن يتشح بها ، والتي ينبغي أن تتناسب وأهميته ، وشهرته التي طبق صيتها الآفاق ، لإدراكي بأن هذا الكتاب لا يصنف قطعا ضمن المؤلفات التي تقتنى لتزين بها المكتبات من قبل البعض فحسب ، بل إن له وجودا يفرض عليه الجميع مطالعته وقراءته ، من شيعي مستزيد وهبه الله تعالى حرصا على البحث والمطالعة ، إلى آخر لا يدري ما التشيع وما الشيعة ، وبين الاثنين تندرج جماعات متفاوتة المذاهب والمشارب .