وبتعبير آخر ، فإنّ هذا الكتاب قد اُلّف نقضاً لكتاب ( منتهى الكلام ) في كلام سلكيه ، الجوابي والإنقلابي ، حسب تعبير الفيض آبادي . إلاّ أنّ مؤلّفه العلاّمة الفذ الأجلّ ، قد قدّم المسلك الثاني على الأوّل ، وقد ذكر السبب في ذلك بقوله : « وقد كنت كتبت من النقض على مقامات شتّى من المسلك الأوّل لهذا الكتاب ، ما فيه نفع لأوام اُولي الألباب وشفاء للأسقام والأوصاب ، وغنية بإظهار الصواب ونضو الحجاب ، وكنت لإتمامه وإنجازه صامداً ولتبييضه وإبرازه قاصداً . ولكنْ ألفيت رغبات الناس إلى تقديم المسلك الثاني وافرة ، وهممهم عن الصبر والإنتظار قاصرة ، وأيضاً : وجدت صاحب الكتاب ومن اقتصّ أثره وحذا حذوه ، يستصعبون نقض هذا المسلك غاية الإستصعاب ، ويزعمونه ويحسبونه بالخصوم ممتنع الجواب ، ويعدّون اجتياح جذمه من أنكر الأشياء وأعجب العجاب . فخفت على نفسي محاجزات الدهر الكنود ، ورابئت عوائق الزمن العنود ، وأشفقت أنْ لا أبلغ إلى حمادى المقصود ، ويحال بيني وبين الإتيان عليه كملاً واُردع عمّا أرود ، فيكون ذلك تصديقاً لظنونهم الخاسرة وتأييداً لما يلعج في صدورهم الواغرة . فأشحت بوجهي عن التوجّه إلى المسلك الأوّل لعناني ثانياً ، وقمت - بعون الله - لنقض المسلك الثاني نصرةً لدينه غير متعتع ولا وانياً ، ثمّ إذا وفّق الله لاستيعاب جواب هذا المسلك وإتمامه وإبراز أثماره من أكمامه ، سأنثني إنْ شاء الله إلى إتمام نقض المسلك الأوّل وهدم جدرانه ، ورضّ أركانه