فقال ابن المقري : إسمعوا له والعهدة علَيّ . سمعت أبا صالح صاحب أبي مسعود أحمد بن الفرات يقول : العجب من إنسان يقرأ والمرسلات عن ظهر قلبه ولا يغلط فيها . وحكي أنّ أبا مسعود ورد إصبهان ولم تكن كتبه معه ، فأملى كذا وكذا ألف حديث عن ظهر قلبه ، فلمّا وصلت الكتب إليه قوبلت بما أملى ، فلم تختلف إلاّ في مواضع يسيرة » [1] . وقال العيني : « حفظ القرآن أبو محمّد عبد الله بن محمّد الإصبهاني وله خمس سنين ، فامتحنه فيه أبو بكر ابن المقري ، وكتب له بالسماع وهو ابن أربع سنين » [2] . فأيّ عجب من محمّد بن أبي بكر إذا أمر أباه بأنْ يقول : لا إله إلاّ الله ؟ * وماذا يقول القائل إذا سمع ما جاء في ( علوم الحديث ) لابن الصّلاح وغيره من الكتب من أنّه « قد بلغنا عن إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : رأيت صبيّاً ابن أربع سنين وقد حمل إلى المأمون ، وقد قرأ القرآن ونظر في الرأي ، غير أنّه إذا جاع بكى » [3] ؟ وعلى هذا الأساس ، ذهب العلماء من الفريقين إلى أنّه يعتبر كلّ صغير بحاله ، فمتى فهم الخطاب وميّز ما يسمعه صحّ سماعه وإنْ كان دون خمس سنين ، كما جاء في كتاب ( شرح البداية ) للشهيد الثاني من أصحابنا . وفي ( عمدة القاري ) و ( المنهل الروي ) و ( علوم الحديث ) وغيرها من كتب القوم .
[1] الكفاية في علم الرواية : 64 - 65 / باب ما جاء في سماع الصغير . [2] عمدة القاري في شرح البخاري 2 : 68 ، كتاب العلم ، باب قول النّبي : اللهمّ علّمه الكتاب . [3] علوم الحديث : 75 / النوع الرابع والعشرون ، معرفة كيفيّة سماع الحديث . . .