الجمهور من المثبتين للقدر ونفاته ، وهو قول كثير من النظّار المثبتة للقدر كالكراميّة وغيرهم وكثير من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم ، وهو قول القاضي أبي حازم ابن القاضي أبي يعلى وغيره ، وهذا كتعذيب الإنسان بذنب غيره كما قال الله تعالى ( فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضماً ) وهؤلاء يقولون : الفرق بين تعذيب الإنسان على فعله الاختياري وغير فعله الاختياري مستقر في فطر العقول ، فإنّ الإنسان لو كان له في جسمه برص أو عيب خلق فيه لم يستحسن ذمّه ولا عقابه على ذلك ولو ظلم ابنه أحد يحس عقبه على ذلك ، ويقولون : الاحتجاج بالقدر على الذنوب ممّا يعلم بطلانه بضرورة العقل ، فإنّ الظالم لغيره لو احتج بالقدر لاحتجّ ظالمه أيضاً بالقدر ، فإن كان القدر حجّة لهذا فهو حجّة لهذا وإلاّ فلا ، والأوّلون أيضاً يمنعون الاحتجاج بالقدر فإنّ الاحتجاج به باطل باتّفاق أهل الملل وذوي العقول ، وإنّما يحتجّ به على القبائح والمظالم من هو متناقض القول متّبع لهواه كما قال بعض العلماء : أنت عند الطاعة قدري وعند المعصية جبري . . . مذهب وافق هؤلاء تمذهبت به ، ولو كان القدر حجّة لفاعل الفواحش والمظالم لم يحسن أن يلوم أحدٌ أحداً ولا يعاقب أحدٌ أحداً ، وكان للإنسان أن يفعل في دم غيره وماله وأهله ما يشتهيه من المظالم والقبائح ويحتجّ بأنّ ذلك مقدّرٌ عليه » [1] . وقال ابن تيمية : « بقي الخلاف بين القدريّة الذين يقولون أنّ الداعي يحصل في قلب العبد بلا مشيّة من الله ولا قدرة وبين الجهميّة المجبّرة الذين يقولون : إنّ