فصل [ في أن الله لا يفعل ما هو مفسدة ] فإن قيل : فهل ربك يفعل لعباده [1] ما هو مفسدة ؟ فقل : كلا ، بل لا يفعل إلا الصلاح ، ولا يبلوهم إلا بما يدعوهم إلى الفلاح ، سواء كان ذلك محنة أو نعمة ، لأنه تعالى لا يفعل إلا الصواب والحكمة كما تقدم ، فإذا أمرضهم وابتلاهم أو امتحنهم بفوت ما أعطاهم ، فلا بد من اعتبار المكلفين [2] ، ليخرج بذلك عن كونه عبثا ، وقد نبه على ذلك بقوله تعالى : * ( أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا هم يتوبون ولا هم يذكرون ) * [ التوبة : 126 ] ، ولا بد من العوض الموفي على ذلك بأضعاف مضاعفة ، ليخرج بذلك عن كونه ظلما ، وقد ورد ذلك في السنة كثيرا ، والغرض الاختصار [3] .
[1] - في ( س ) : بعباده . [2] - يعني فلا بد من حكمة ومصلحة راجعة إلى ذلك الفعل ، ومن المصلحة : الاعتبار وتذكير المكلفين . تمت من : الصراط المستقيم . [3] - من ذلك : ما أخرج الإمام المرشد بالله والبخاري ومالك عن أبي هريرة مرفوعا : " من يرد الله به خيرا يصب منه " . وأخرج أبو طالب وأبو داود عنه ( ص ) : " إن المؤمن إذا مرض ثم عوفي كان كفارة لما مضى من ذنبه " . تمت من : الصراط المستقيم .