والطائفة الثانية : هم الأنصار ، ولا يدخل فيهم أبناء الأنصار ( الأطفال ) الذين لم يشاركوا في النصرة الشرعية ، من الإنفاق والجهاد والإيواء ونحو ذلك ، كما لا يدخل في المهاجرين أبناء المهاجرين ، ولكن يدخل في الأنصار حلفاؤهم المسلمون ، ومواليهم ونساؤهم كحال المهاجرين . الطائفة الثالثة : الذين اتبعوهم بإحسان ، كالمهاجرين بعد الحديبية ، والمهاجرين من وفود العرب بعد الحديبية ممن ثبت على الإسلام أيام الردة ، ومنهم أبناء المهاجرين ، وأبناء الأنصار ، ويدخل في هؤلاء من حسن إسلامه [80] من طلقاء قريش ، وعتقاء ثقيف وغير هؤلاء . إذن فالمهاجرون والأنصار لم يشترط الله فيهم ( الإحسان ) ، لأن الهجرة والنصرة اللتين تقتضيان الإنفاق والجهاد في أيام الضعف هما من أفضل الأعمال ، ولا يحتاج هذا لقيد الإحسان فلم يقل ( . . . من المهاجرين بإحسان والأنصار بإحسان ) ، لأن الرجل إن قام بالهجرة التي تقتضي ترك الأوطان والأولاد هي غاية الإحسان ، كما أن النصرة ( التي أجلبت على الأنصار قبائل العرب ) مع تحملهم مهمة حماية الإسلام في أيامه الأولى لا تحتاج لقيد الإحسان ، لأنها في الذروة منه . أما بعد قوة الإسلام والمسلمين ، فأصبحت الهجرة إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) تعود على نفس المهاجر بالمصلحة ، بعد أن كانت قبل ذلك تعود
[80] حسن الإسلام يعني اجتناب كبائر الذنوب وصلاح السيرة ولا يشترط أن يشك الرجل في الإسلام حتى يقال أنه لم يحسن إسلامه ، والإحسان في هذه الآية مجمل سيأتي شرحه في الآية اللاحقة في الدليل الثالث .