أقول : هذا القول اتهام منكم للمفسرين بالتناقض ، فأنتم تقولون أن قولهم بعدالة الصحابة ينقض قولهم في الوليد وأمثاله ! ! . وأنا أقول إن قولهم بعدالة الصحابة لا يعنون بها إنزال هذه العدالة على كل فرد ، ولو كانوا يعتقدون ذلك لوقعوا في التناقض . ثم أنا لم آخذ بأقوال المفسرين في الوليد ، وإنما بحثت أسانيد القصة البالغة نحو عشرة أسانيد ، واتضح لي صحة القصة ، ثم استأنست بإجماع المفسرين تقريبا على ذكر القصة ، والاحتجاج بها وتصحيحها ، بينما لا تجدون أنتم إسنادا واحدا صحيحا صريحا يقول بعدالة كل الصحابة ، إلا إذا أريد بأولئك المهاجرون والأنصار [168] . ثم قد نقل بعض المفسرين قول عمر في تفسير الآية السابقة ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) بقوله : ( لو شاء لقال ( أنتم ) فكنا كلنا ، ولكن قال ( كنتم ) في خاصة من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ومن صنع مثل صنيعهم كانوا خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) . أقول : انظروا إلى قول عمر : ( في خاصة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فلو قال ( في خاصة أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لكفى وإنما زاد - رضي الله عنه - ( من ) التبعيضية للدلالة على بعض الصحابة وليسوا كلهم بدلالتين من قول عمر وهما : 1 . لفظة ( خاصة ) . 2 . من التعيضية .
[168] بعض الأخوة يرى ثناء بعض السلف على كل الصحابة فيظن أن هذا الرجل الصالح من السلف يعتقد أن كل من رأى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فهو صحابي من حيث لا يريد ذلك العالم ، فبعض العلماء يطلق الثناء على الصحابة ويريد بذلك المهاجرين والأنصار أو يريد بذلك من لم يظهر ظلمه أو فسقه على الأقل ، فنأتي نحن ونعمم قوله على كل من ترجم له في الصحابة ! ! .