قلت : الحق أني بين الفينة والأخرى أقلب صفحات أحد مجلداته وأقرؤها ! قال : فهل لك إلى كتاب آخر أعطيكه لترى ما فيه من تهذيب للنفس وسير بها في معارج العرفان ؟ قلت : لا بأس ! قال : آتيك به . * * * وبعد يومين أو ثلاثة جاء وأعطاني كتابا عرفانيا من كتب الشيعة الاثني عشرية ( 1 ) .
1 ) " والشيعة : القوم الذين يجتمعون على أمر ، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة ، وكل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض . . . قال الزجاج : والشيعة أتباع الرجل وأنصاره . . . قال الأزهري : والشيعة قوم يهوون هوى عترة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويوالونهم . وقد غلب هذا الاسم على من يتولى عليا وأهل بيته ( رضوان الله عليهم أجمعين ) حتى صار لهم اسما خاصا ، فإذا قيل : فلان من الشيعة عرف أنه منهم ، وفي مذهب الشيعة كذا ، أي عندهم ، وأصل ذلك من المشايعة ، وهي المتابعة والمطاوعة " أنظر : التشيع نشأته معالمه : 24 ، لسان العرب : 8 / 188 - 189 . " ولقد استعمل القرآن الكريم كلمة الشيعة بمعنى الأنصار والأتباع الفكريين فقال : ( وإن من شيعته لإبراهيم ) الصافات : 83 " التشيع : 24 . ( التشيع ) على التخصيص لا محالة لأتباع أمير المؤمنين ( علي بن أبي طالب ) صلوات الله عليه على سبيل الولاء والاعتقاد لإمامته بعد الرسول - صلوات الله عليه وآله - بلا فصل ونفي الإمامة عمن تقدمه في مقام الخلافة . . . " : أوائل المقالات : 2 . " الشيعة : هم الذين شايعوا عليا ( رضي الله عنه ) على الخصوص ، وقالوا بإمامته وخلافته نصا ووصية ، إما جليا ، وإما خفيا ، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده ، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره ، أو بتقية من عنده ، وقالوا : ليست الإمامة قضية مصلحية تناط باختيار العامة ، وينتصب الإمام بنصبهم ، بل هي قضية أصولية ، وهي ركن الدين . . . " الملل والنحل للشهرستاني : 146 - 147 . " والشيعة : ثلاث فرق : زيدية ، وإمامية ، وباطنية " الملل والنحل لابن المرتضى ( مقدمة كتاب البحر الزخار ) : 40 . " وإذا ثبت ما بيناه بالسمة بالتشيع - كما وصفناه - وجبت للإمامية والزيدية الجارودية من بين سائر فرق الأمة . . . " أوائل المقالات : 3 . " . . . والعمدة في التشيع مذهب الزيدية وعدلية الإمامية . . . " الشافي لابن حمزة : 1 / 139 . والاثنا عشرية هم الإمامية القائلون بوجود النص على اثني عشر إماما - بعد الرسول - نص عليهم هو نفسه صلوات الله عليه وآله . " باب الفرق بين الإمامية وغيرهم من الشيعة وسائر أصحاب المقالات : فأما السمة للمذهب بالإمامة ووصف الفريق من الشيعة بالإمامية فهو علم على من دان بوجوب الإمامة ووجودها في كل زمان ، وأوجب النص الجلي والعصمة والكمال لكل إمام ، ثم حصر الإمامة في ولد الحسين بن علي ( عليهما السلام ) وساقها إلى الرضا علي بن موسى ( عليهما السلام ) ، لأنه - وإن كان علما على من دان من الأصول بما ذكرناه ، دون التخصيص لمن قال في الأعيان بما وصفناه - فإنه قد انتقل عن أصله لاستحقاق فرق من معتقديه ألقابا بأحاديث لهم بأقاويل أحدثوها فغلبت عليهم في الاستعمال دون الوصف بالإمامية ، وصار هذا الاسم - في عرف المتكلمين وغيرهم من الفقهاء والعامة - علما على من ذكرناه " أوائل المقالات : 4 . " واتفقت الإمامية على أن الأئمة بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اثنا عشر إماما . . . " أوائل المقالات : 6 . " مذهب الإمامية هو أحد المذاهب الإسلامية الكلامية والفقهية . . يرجع في انتمائه العقيدي والفكري إلى أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وبه سمي بالإمامي وأتباعه بالإمامية ، وقد يسمى بالمذهب الجعفري نسبة إلى الإمام السادس من أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) : أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) المتوفى سنة 148 ه ، وذلك لوفرة عطائه الفكري بالنسبة إلى بقية الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ولأنه عاش فترة انطلاقة الفكر الكلامي والخلافات الفكرية في مفاهيم العقيدة وشؤونها الأخرى ، وبروز أعلام الفكر الكلامي ومدارسه الأولى كالجبرية والمعتزلة ، وفترة توسع الفكر الفقهي وظهور أصحاب المذاهب الفقهية أمثال : مالك بن أنس وأبي حنفية ، حيث كان المسلمون آنذاك يتمايزون بالانتماء ، فيقال : هذا من أتباع المذهب الكلامي المعين أو المذهب الفقهي المعين . ويعرف هذا المذهب أيضا بمذهب الإمامية الاثني عشرية في مقابلة المذهبين الشيعيين الآخرين : الزيدي والإسماعيلي اللذين تستمر الإمامة - في اعتقادهما - متجاوزة الحصر بعدد معين . ويطلق عليه - غالبا - المذهب الشيعي لكثرة أتباعه مقارنة بأتباع المذهبين الشيعيين الآخرين الزيدي والإسماعيلي . ويشكل الشيعة الإمامية - في الوقت الحاضر - نصف مسلمي آسيا وثلث مسلمي العالم " مذهب الإمامية : 7 - 8 .