عباد الله الصالحين ولا ربوبيتهم على نحو الاستقلال ، بل تنطلق عن الاعتقاد بكونهم عباد مكرّمون يجب احترامهم . فالتبرك وتقبيل الأضرحة وأبواب المشاهد التي تضم أجساد الأنبياء والأولياء لا يعد عبادة لصاحب القبر والمشهد لفقدان مقومها ، وإنّ إقامة الصلاة في مشاهد الأولياء تبركاً بالأرض التي تضمنت جسد النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أو الإمام ( عليه السلام ) ، في الحقيقة هو كالتبرك بالصلاة عند مقام إبراهيم اتباعاً لقوله تعالى : ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى ) ( 1 ) . وكذا التوسل والاستغاثة والتشفع بالأولياء لا يعد عبادة ، لعدم الاعتقاد بألوهيتهم وربوبيتهم ، بل يعدّ من التوسل بالأسباب ، لأنّ الله سبحانه جرت حكمته أن يقضي حوائج عباده ببركتهم وشفاعتهم ، وذلك لأنّهم مقربون لديه مكرمون عنده ، قد أذن الله لهم بالشفاعة بإذنه ، فقال تعالى : ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ ) ( 2 ) . درء شبهة الشرك بالعبادة : من هنا يتبين أنّ تشبيه القائمين بهذه الأعمال من المسلمين بالوثنيين تشبيه في غير محله ، وقياس مع الفارق ، لأنّ الوثنيين كانوا يعبدون الأصنام على أنّها أرباب مستقلة لها التصرف في الكون ، فهي التي تمطر الناس إذا استغاثوا بها وتدفع البلايا عنهم إذا دعوها واستنجدوا بها ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : ( مِنْ دُونِهِ ) في قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا