نام کتاب : موسوعة من حياة المستبصرين نویسنده : مركز الأبحاث العقائدية جلد : 1 صفحه : 183
في كربلاء خصوصاً ، جعلت السائرين على نهجهم والمرتبطين بهم روحياً ، يحيون ذكراهم وينشرون مآثرهم لترسخ في النفوس ، ولتكون تلك المواقف أسوة وقدوة تقتدي بها الأجيال تلو الأجيال . كما أنّ إحياء المناسبات التي تمثل منعطفاً بارزاً وتحوّلاً نوعياً في حياة الأُمم أمر طبيعي ومتعارف بين الناس ، لأنّه نابع من ذات الطبيعة البشرية وفطرتها ، فيقوم به الناس من دون تكلّف ، وذلك لأنّه يمثل تعبيراً عن أحاسيسهم وعواطفهم الجيّاشة . وأيّ حادثة أعظم فداحة وأسى من يوم عاشوراء ؟ ! حيث بقيت معلماً شاخصاً في التاريخ ، لما فيها من مآسي وفجائع من جهة ، ومواقف مشرّفة من جهة أخرى . أسباب إقامة المجالس الحسينية : إنّما يقيم الشيعة هذه المآتم وذلك تعبيراً عن حزنهم السرمدي لهذه الكارثة ، التي أبقت جرحاً في قلب كلّ مؤمن لا يندمل إلاّ أن ينتقم الباري ويأخذ بهذا الثأر من الظلمة ، كما أنّ هذه المجالس تعتبر تخليداً لهذه الذكرى وتأسّياً بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، فقد إحتضن الأئمة ( عليهم السلام ) هذه المجالس ورعوها بعناية فائقة وحثوا على إقامتها والمشاركة فيها . فقد ذكر الأزدي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال للفضيل : " تجلسون وتحدّثون ؟ قال : نعم جعلت فداك ، قال : إنّ تلك المجالس أحبّها ، فأحيوا أمرنا ، يا فضيل ، فرحم الله من أحيا أمرنا ، يا فضيل ، من ذكرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب ، غفر الله ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر " ( 1 ) .