نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 142
نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ) [1] ، قال المفسرون : إن القصد بنزول هذا الذكر إلى عامة البشر . وإنك والناس في سواء . ولقد اخترناك من بين الناس لتوجيه الخطاب وإلقاء القول . ولا نحملك بهذا قدرة غيبية أو إرادة تكوينية إلهية . بل لأمرين : أحدهما : أن تبين للناس ما نزل تدريجيا إليهم . لأن المعارف الإلهية لا ينالها الناس بلا واسطة فلا بد من بعث واحد منهم للتبيين والتعليم . وهذا هو غرض الرسالة . ينزل الوحي فيحمله الرسول . ثم يؤمر بتبليغه وتعليمه وتبيينه . والثاني : رجاء أن يتفكروا فيك فيتبصروا إن ما جئت به حق من عند الله . فالأوضاع المحيطة بك والحوادث والأحوال الواردة عليك على مدى حياتك من اليتم وخمود الذكر والحرمان من التعلم والكتابة ، وغير ذلك كانت جميعا أسباب قاطعة أن لا تذوق من عين الكمال قطرة . لكن الله أنزل إليك ذكرا تتحدى به على الجن والإنس . مهيمنا على سائر الكتب السماوية . والتفكر فيك نعم الدليل الهادي . على أنه ليس لك فيما جئت به صنع ، ولا لك من الأمر شئ . وإن الله أنزله بعلمه وأيدك لذلك بقدرته . فالرسول الله صلى الله عليه وسلم له الولاية في أن يبين للناس ويربي الأمة ويحكم فيهم ويقضي في أمرهم . لأن الله الذي أنزل الكتاب . علمه أحكامه وشرائعه . والرسول بهذه الولاية يبث الأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة لتكتمل البشرية ويستقيم حالهم في دنياهم وأخراهم . فيعيشون سعداء ويموتون سعداء . ولأنه صلى الله عليه وسلم كذلك أوجب الله الأخذ عنه والتأسي به وفرض طاعته طاعة مطلقة . لأن طاعته طاعة لله . قال تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) [2] ، ومن اتخذ الرسول مولى له . له يصل إلى الكمال في الحب والطاعة إلا إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه قال تعالى : ( النبي أولى بالمؤمنين من
[1] سورة النحل : الآية 44 . [2] سورة النساء : الآية 59 .
142
نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 142